وكان عليٌّ يصف أيّامه تلك ، فيقول : « وقد علمتم موضعي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حِجره وأنا ولد ، يضمّني إلىٰ صدره... وكان يمضغُ الشيء ثمّ يُلقمنيه ، وما وجد لي كذبةً في قول ، ولا خَطلةً في فِعل... ولقد كنتُ أتّبعه اتّباع الفصيل أثَرَ أُمّه ، يرفعُ لي في كلّ يوم من أخلاقه عَلَماً ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كلّ سنةٍ بحِراء فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمّ ريح النبوّة... » (١).
ويوم أنذر عشيرته الأقربين ، رفع شأن عليٍّ عليهم جميعاً ، وخصّه بمنزلة لا يشركه فيها غيره.
ويوم هجرته إلىٰ المدينة ، اختار عليّاً يبيت في فراشه ، ثمّ يؤدّي ماكان عند النبيّ من أمانات ، ثمّ يهاجر بمن بقي من نساء بني هاشم.
ثمّ اختصّه بمصاهرته في خير بناته سيّدة نساء العالمين (٢) ، بعد أن تقدّم لخطبتها أبو بكر ثمّ عمر فردّهما صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) ! وقال لها : « زوّجتك أقدم أُمّتي سلماً ، وأكثرهم علماً ، وأعظمهم حلماً » (٤).
وآخىٰ بين المهاجرين والأنصار ، ثمّ اصطفىٰ عليّاً لنفسه فقال له : « أنت
__________________
(١) نهج البلاغة ـ شرح صبحي الصالح ـ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ خطبة ١٩٢.
(٢) الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ١٢٧ و ١٢٨ و ١٢٩.
(٣) الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ١٢٠.
(٤) مسند أحمد ٥ : ٢٦.