تلك القداسة !
لكنّ الحقيقة ، كلّ الحقيقة ، أنّك لو تلمّست لذلك التصوّر القدسي شاهداً من الواقع مصدّقاً له لعدت بلا شيء.
لم يألف التاريخ الإصغاء لعليّ !!
التاريخ الذي أثبت ، بما لا يدع مجالاً لشبهة ، أنّ عليّاً لم يبايع لأبي بكر إلاّ بعد ستّة أشهر ، صمّ آذانه عن سماع أيّ حجّةٍ لعليٍّ في هذا التأخّر !
تناقضٌ لم يستوقف أحدا من قارئي التأريخ !
وكيف يستوقفهم علىٰ عيوب نفسه ، وهو وحده الذي صاغ تصوّراتهم وثقافتهم ؟!
٥ ـ من كلام له بعد الشورىٰ ، وقد عزموا علىٰ البيعة لعثمان :
« لقد علمتم أنّي أحقّ بها من غيري ، ووالله لأُسلِّمنَّ ما سلمت أُمور المسلمين ولم يكن فيها جَورٌ إلاّ علَيَّ خاصّة ؛ التماساً لأجر ذلك وفضله ، وزهداً في ما تنافستموه من زخرفه وزبرجه » (١).
٦ ـ « وقد قال قائل : إنّك علىٰ هذا الأمر يابنَ أبي طالب لحريص.
فقلتُ : بل أنتم والله لأحرص وأبعد ، وأنا أخصّ وأقرب ، وإنّما طلبتُ حقّا لي ، وأنتم تحولون بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه !
فلمّا قرّعته بالحجّة في الملأ الحاضرين هبَّ كأنّه بُهِتَ لا يدري
__________________
(١) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ١٠٢ الخطبة ٧٤.