واشترطوا لهذا القرشي أن يكون قرشيّاً من الصميم ، من بني النضر بن كنانة ، تصديقاً للنصّ (١).
وقال أحمد : ( لا يكون من غير قريش خليفة ) (٢).
واستدلّوا علىٰ تواتر هذا النصّ بتراجع الأنصار وتسليمهم الخلافة للمهاجرين القرشيّين حين احتجّوا عليهم بهذا النصّ في السقيفة (٣).
وقال ابن خلدون : بقي الجمهور علىٰ القول باشتراطها ـ أي القرشية ـ وصحّة الخلافة للقرشيّ ولو كان عاجزا عن القيام بأُمور المسلمين (٤).
وهكذا ثبت النصّ الشرعي ، وثبت تواتره ، وثبت الإجماع عليه.
وحين تراجع بعضهم عن الالتزام بهذا النصّ ـ كأبي بكر الباقلاّني ـ فسّر ابن خلدون سرّ تراجعه ، وردّ عليه ، فقال : لمّا ضعف أمر قريش ، وتلاشت عصبيّتهم بما نالهم من الترف والنعيم ، وبما أنفقتهم الدولة في سائر أقطار الأرض ، عجزوا بذلك عن أمر الخلافة وتغلّبت عليهم الأعاجم ، فاشتبه ذلك علىٰ كثير من المحقّقين حتىٰ ذهبوا إلىٰ نفي اشتراط القرشية ، وعوّلوا علىٰ ظواهر في ذلك مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اسمعوا وأطيعوا وإنْ وليَ عليكم عبدٌ حبشي » (٥).
__________________
(١) الأحكام السلطانية ـ للفرّاء ـ : ٢٠ ، الفصل ٤ : ٨٩ ، مآثر الإنافة ١ : ٣٧ ، مقدّمة ابن خلدون : ٢١٤ فصل ٢٦.
(٢) الأحكام السلطانية ـ للفرّاء ـ : ٢٠.
(٣) الفصل ٤ : ٨٩.
(٤) المقدّمة : ٢١٥.
(٥) والخوارج أيضاً احتجّوا بهذا حين لم يجدوا بينهم قرشياً يسندون إليه الزعامة فيهم !