لولّيتهُ ) (١).. والأمر ماضٍ مع النصّ.
ولكن حين لم يكن أبو عبيدة حيّاً كاد ذلك المبدأ ـ النصّ ـ أن ينهار ، وكاد ذلك النصّ المتواتر أن يُنسىٰ ، كلّ ذلك علىٰ يد الرجل الذي كان من أوّل المحتجّين به علىٰ الأنصار ، عمر بن الخطاب ! إنّه لمّا لم يجد أبا عبيدة حيّاً ، قال : ( لو كان سالم مولىٰ أبي حذيفة حيّا لولّيتُه ) (٢).
ولمّا لم يكن سالم حيّاً ، قال : ( لو كان معاذ بن جبل حيّا لولّيتُه ) (٣)..
فهل كان سالم قرشياً ؟! أم كان معاذ كذلك ؟!
أمّا سالم : فأصله من إصْطَخْر ، من بلاد فارس ، وكان مولىً لأبي حذيفة (٤) !
وأمّا مُعاذ : فهو رجل من الأنصار الّذين أغار عليهم القرشيّون الثلاثة في السقيفة ، وفيهم عمر ، واحتجّوا عليهم بأنّ الأئمّة من قريش ، وهيهات أن ترضىٰ العرب بغير قريش ! هذا الكلام قاله عمر في خطابه للأنصار في السقيفة ، ثمّ واصل خطابه قائلاً : ( ولنا بذلك الحجّة الظاهرة ، مَن نازعنا سلطانَ محمّد ونحن أولياؤه وعشيرتُه ، إلاّ مُدْلٍ بباطلٍ ، أو متجانفٍ لإثم ، أو متورّط في هَلَكة ) (٥) ؟!.
إنّ تعدّد هذه المواقف المختلفة أضفىٰ كثيراً من الغموض علىٰ عقيدة
__________________
(١) مسند أحمد ١ : ١٨ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٦٥ ، صفة الصفوة ١ : ٣٦٧ ، سير أعلام النبلاء ١ : ١٠.
(٢) الكامل في التاريخ ٣ : ٦٥ ، صفة الصفوة ١ : ٢٨٣ ، طبقات ابن سعد ٣ : ٣٤٣.
(٣) مسند أحمد ١ : ١٨ ، صفة الصفوة ١ : ٤٩٤ ، طبقات ابن سعد ٣ : ٥٩٠ ، سير أعلام النبلاء ١ : ١٠.
(٤) سير أعلام النبلاء ١ : ١٦٧.
(٥) راجع : الكامل في التاريخ ٢ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠ ، الإمامة والسياسة : ١٢ ـ ١٦.