قول غريب ، وأغرب منه قول الجرجاني : ( لا قائل بالفصل ) (١) !.
فابن حزم يقطع بأنّ هذا قياساً باطلاً ، ويقول : ( أمّا من أدّعىٰ أنّه إنّما قُدِّم قياساً علىٰ تقديمه إلىٰ الصلاة ، فباطل بيقين ؛ لأنّه ليس كلّ من استحقّ الإمامة في الصلاة يستحقّ الإمامة في الخلافة ، إذ يستحقّ الإمامة في الصلاة أقرأ القوم وإن كان أعجمياً أو عربياً ، ولايستحقّ الخلافة إلاّ قرشيّ ، فكيف والقياس كلّه باطل ) (٢) ؟!.
والشيخ أبو زهرة ينتقد هذا النوع من القياس ووجه الاستدلال به ، فيقول : اتّخذ بعض الناس من هذا ـ النصّ ـ إشارة إلىٰ إمامة أبي بكر العامّة للمسلمين ، وقال قائلهم : ( لقد رضيه عليهالسلام لديننا ، أفلا نرضاه لدنيانا ) ولكنّه لزوم ماليس بلازم ، لأنّ سياسة الدنيا غير شؤون العبادة ، فلا تكون الإشارة واضحة.. وفوق ذلك فإنّه لم يحدث في اجتماع السقيفة ، الذي تنافس فيه المهاجرون والأنصار في شأن القبيل الذي يكون منه الخليفة ، أن احتجّ أحد المجتمعين بهذه الحجّة ، ويظهر أنّهم لم يعقدوا تلازماً بين إمامة الصلاة وإمرة المسلمين (٣).
والذي يُستشفّ من كلامه استبعاد صحّة نسبة هذا الكلام إلىٰ الإمام عليّ عليهالسلام ؛ فهذه النسبة لاتحتمل الصحّة ، لِما ثبت في الصحاح من أنّ عليّاً عليهالسلام لم يبايع إلاّ بعد ستّة أشهر (٤) ، كما أنّ الصحيح المشهور عن
__________________
(١) شرح المواقف ٨ : ٣٦٥.
(٢) الفصل ٤ : ١٠٩.
(٣) المذاهب الإسلامية : ٣٧.
(٤) صحيح البخاري ـ باب غزوة خيبر / ٣٩٩٨ ، صحيح مسلم ـ كتاب الجهاد والسِيَر ٣ : ١٣٨٠ / ٥٢ ، السنن الكبرىٰ ـ للبيهقي ـ ٦ : ٣٠٠ ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٢ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٣٣١.