ومن هنا قال بعضهم : متىٰ نظرنا إلىٰ آخر الحديث احتجنا إلىٰ أن نطلب للحديث مخرجاً من النقص والتقصير ، وذلك أنّ آخره : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا وجد إفاقةً وأحسّ بقوّة خرج حتىٰ أتىٰ المسجد وتقدّم فنحّىٰ أبا بكر عن مقامه وقام في موضعه. فلو كانت إمامة أبي بكر بأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم لَتَركه علىٰ إمامته وصلّىٰ خلفه ، كما صلّىٰ خلف عبد الرحمن بن عوف (١).
ب ـ ممّا يعزّز القول المتقدّم ماورد عن ابن عبّاس من أنّه قبل أن يؤذّن بلال لتلك الصلاة قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أُدعوا عليّاً ». فقالت عائشة : لو دعوت أبا بكر ! وقالت حفصة : لو دعوت عمر ! وقالت أُمّ الفضل : لو دعوت العبّاس ! فلمّا اجتمعوا رفع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رأسه فلم ير عليّاً (٢) !!.
ج ـ ويشهد لذلك كلّه ماثبت عن عليّ عليهالسلام من أنّه كان يقول : «إنّ عائشة هي التي أمرت بلالاً أن يأمر أباها لِيُصَلّ بالناس ، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « ليصلِّ بهم أحدهم » ولم يعيّن » !! وكان عليٌّ عليهالسلام يذكر هذا لأصحابه في خلواته كثيراً ، ويقول عليهالسلام : «إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقل : « إنّكنّ لَصُويحبات يوسف » إلاّ إنكاراً لهذه الحال ، وغضباً منها لأنّها وحفصة تبادرتا إلىٰ تعيين أبويهما ، وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب » (٣).
فهذه صور منسجمة ومتماسكة لاتُبقي أثرا للاستفادة من هذا النصّ أو تلك الواقعة ، ويمكن أن يضاف إليها ملاحظات أُخر ذات قيمة لايُستهان بها :
__________________
(١) ابن الإسكافي ، المعيار والموازنة : ٤١ ـ ٤٢.
(٢) مسند أحمد ١ : ٣٥٦ ، وأخرجه الطبري في تاريخه ٣ : ١٩٦ ولم يذكر فيه قول أُمّ الفضل.
(٣) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ٩ : ١٩٧.