دخل سلمان الفارسي ـ ذات يوم ـ مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعظّموه وقدّموه وصدّروه إجلالاً لحقه وإعظاماً لشيبته واختصاصه بالمصطفىٰ وآله صلوات الله عليهم. فدخل عمر فنظر إليه فقال : من هذا العجمي المتصدر فيما بين العرب ؟! فصعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المنبر فخطب فقال : « إنَّ الناس من عهد آدم إلىٰ يومنا هذا مثل أسنان المشط ، لا فضل للعربي علىٰ العجمي ولا للأحمر علىٰ الأسود إلاّ بالتقوىٰ » (١).
كما وجّه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم اللَّوم والعتاب للصحابي الجليل أبي ذر ـ إنْ صحّ الحديث ـ ، فعن المعرور بن سويد قال : « مررنا بأبي ذر بالرَّبذة وعليه بُرد وعلىٰ غلامه مثله ، فقلنا : يا أبا ذر لو جمعت بينهما كانت حُلّة ؟! فقال : إنَّهُ كان بيني وبين رجل من إخواني كلامٌ ، وكانت أُمَّهُ أعجميَّة ، فعيَّرتهُ بأُمَّه ، فشكاني إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلقيت النبي فقال : « يا أبا ذرٍّ إنَّك أمرؤٌ فيك جاهلية !.
قلتُ : يا رسول الله من سبَّ الرجال سبَّوا أباهُ وأُمَّهُ.
قال : يا أبا ذرّ إنَّك أمرؤٌ فيك جاهلية ، هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فأطعموهم ممّا تأكلون ، وألبسوهم ممّا تلبسون » (٢).
وقد زود الإسلام المؤمن بنظرة واعية عميقة تحصّنه من الانزلاق في حضيض العنصرية وتفاخرها بالاحساب والانساب ، ويكفي مثلاً علىٰ ذلك أنّه لما : « تفاخرت قريش عند سلمان الفارسي رضياللهعنه قال : لكن خلقت من نطفة قذرة ، وأعود جيفة منتنة ثم إلىٰ الميزان فإن ثقل فأنا كريم وإن
______________
١) الاختصاص ، للشيخ المفيد : ٣٤١.
٢) صحيح مسلم ، للنيشابوري ٣ : ١٢٨٢ دار إحياء التراث العربي ط ١.