السعادة إلىٰ الشقاء ، قال تعالىٰ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) (١).
والتغيير الذي في لوح المحو والاثبات لا يمسّ بكامل علم الله تعالىٰ ، فليس هو انتقال من عزيمة إلىٰ عزيمة ، وليس هو حصول للعلم بعد الجهل ، وليس هو معارضاً للتقدير الأول ، بل إنّ الله تعالىٰ عالم بما يؤول إليه مصير الإنسان في لوح المحو والاثبات ، والظهور بعد الخفاء هو بالنسبة لنا ، لا إلىٰ علمه تعالىٰ المحيط بكل شيء ، وذلك كالنسخ في التشريع الذي لا يختلف عليه أهل العدل.
قال الإمام الصادق عليهالسلام في قوله تعالىٰ : ( يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (٢) : « فكل أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه ، ليس شيء يبدو له إلّا وقد كان في علمه ، إنّ الله لا يبدو له من جهل » (٣).
وقال عليهالسلام : « من زعم أن الله عزَّ وجلّ يبدو له في شيء لم يعلمه أمس ، فأبرؤوا منه » (٤).
ومما تقدم تبين أن الإنسان لم يكن محكوماً بمصير واحد مقدور غير قابل للتغير والتبديل ، بل أنّه يستطيع أن يغير مصيره لكي ينال سعادة الدارين بحسن أفعاله وصلاح أعماله ، ومنها الدعاء والتضرع ، وقد صحّ عن عبدالله بن عباس رضياللهعنه أنّه قال : « لا ينفع الحذر من القدر ، ولكن الله
__________________________
(١) سورة الرعد : ١٣ / ١١.
(٢) سورة الرعد : ١٣ / ٣٩.
(٣) بحار الانوار ٤ : ١٢١ / ٦٣.
(٤) بحار الانوار ٤ : ١١١ / ٣٠.