درجات المتقين.
والدعاء سلم المذنبين الذي يعرجون به إلىٰ آفاق التوبة ، حيث يخلون بربهم ، ويبوءون بذنوبهم ، وينزلونها عنده ، ليخفف من غلواء نفوسهم المكبلة بالذنوب ، فهو السبب الذي يوصلهم إلىٰ درجات الطاعة والفضيلة ، لينالوا درجة الإنسانية الكريمة ، ويهذّبوا نفوسهم ، ويفلحوا بسعادة الدارين.
قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : « الدعاء مفاتيح النجاح ، ومقاليد الفلاح » (١).
واذا تطلعنا في مفردات التراث الغزير الذي تركه لنا أئمة أهل البيت عليهمالسلام في مجال الدعاء ، ولا سيما فيما روي عن الإمام زين العابدين عليهالسلام في أدعية الصحيفة السجادية ، فسنرىٰ أنها تزخر بثروة كبيرة من النماذج التي تثير مفاهيم الحياة الفردية والاجتماعية علىٰ المستوىٰ الاخلاقي وتحديد مكام الأخلاق وخطوطها التفصيلية ، وعلى المستوىٰ التربوي في تحديد مفاهيم التربية الإسلامية وتهذيب النفس وصفائها ، وتنمية نزعاتها الخيرة ، وردعها عن غيّها ، وترويضها علىٰ طلب الخير.
وخير مثال علىٰ ذلك هو دعاء الإمام زين العابدين عليهالسلام في مكارم الأخلاق ومرضيّ الأفعال الذي جاء فيه : « اللهمّ صلِّ علىٰ محمد وآل محمد ، ومتّعني بُهدىً صالحٍ لا أستبدل به ، وطريقة حقٍّ لا أزيغ عنها ، ونيّة رشدٍ لا أشكّ فيها... اللهمّ لا تدع خصلة تعاب منّي إلّا أصلحتها ، ولا عائبةً
__________________________
(١) الكافي ٢ : ٣٤٠ / ٢.