وأمّا انفلاق البحر لموسى عليه السلام فكما قال الله سبحانه وتعالى : ( أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) (١) وقد خرج موسى عليه السلام من مصر فاتّبعه فرعون بجنوده ، فلمّا قارب البحر قال أصحاب موسى : ( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) (٢) فأمره تعالى أن يضرب بعصاه البحر ، فضربه فظهر اثنا عشر طريقاً في البحر ، فسلك كلّ سبط من بني إسرائيل طريقاً .
وقد أظهر الله سبحانه وتعالى لأمير المؤمنين عليه السلام ما يداني ذلك .
١٤٣ / ٤ ـ وهو : ما حدّث به أبو بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنّه قال : «مدّ الفرات عندكم على عهد أمير المؤمنين عليه السلام ، فأقبل إليه الناس فقالوا : يا أمير المؤمنين ، نحن نخاف الغرق ، لأنّ الفرات قد جاء بشيء من الماء لم نر مثله قط ، وقد امتلأت جنبتاه (٣) فالله الله .
فركب أمير المؤمنين عليه السلام ، والناس حوله يميناً وشمالاً ، حتّى انتهى إلى الفرات وهو يزجر (٤) بأمواجه ، فوقف الناس ينظرون فتكلّم بكلام خفي عبراني ليس بعربي ، ثمّ إنّه قرع الفرات قرعة واحدة ، فنقص الفرات ذراعاً ، وأقبل الناس ـ وفي رواية أخرى فقال
___________________
(١) سورة الشعراء / الآية : ٦٣ .
(٢) سورة الشعراء / الآيتان : ٦١ ـ ٦٢ .
٤ ـ خصائص أمير المؤمنين : ٢٦ ، اليقين : ١٥٤ ، اثبات الهداة ٢ : ٤١٥ .
(٣) في ك : اخبيتنا ، وفي م : جنباه .
(٤) في م : يزجي ، ومعناه يسوق أو يدفع : «مجمع البحرين ـ زجا ـ ١ : ٢٠٢» . والزجر : لعلّه كناية عن شدة دفع الفرات أمواجه ، ولعل الكلمة (يزخر) لأنّ معناه : مدّ وكَثُرَ ماؤه وارتفعت أمواجه . «مجمع البحرين ـ زخر ـ ٣ : ٣١٦» .