خوفاً ، وأقدم أبو الحسن عليه السلام غير مكترث له ، فرأيت الأسد يتذلل له ويهمهم ، فوقف له أبو الحسن عليه السلام كالمصغي إلى همهمته ، ووضع الأسد يده على كفل بغلته ، فدهمني من ذلك [ فزع ] وخفت خوفاً عظيماً ، ثمّ تنحى الأسد إلى جانب الطريق ، وحوّل أبو الحسن عليه السلام وجهه إلى القبلة وجعل يدعو ويحرك شفتيه بما لم أفهمه ، ثمّ أومى إلى الأسد باليد أن امض ، فهمهم الأسد همهمة طويلة ، وأبو الحسن عليه السلام يقول : «آمين ، آمين» ، حتّى غاب عن أعيننا ، ومضى أبو الحسن عليه السلام لوجهه واتبعته .
فلمّا بعدنا عن الموضع لحقته ، وقلت : جعلت فداك ، ما شأن هذا الأسد ؟! فلقد خفته والله عليك ، وعجبت من شأنه معك ! فقال عليه السلام : «إنّه خرج إليَّ يشكو عسر الولادة على لبوته ، وسألني أن أسأل الله تعالى أن يفرج عنها ، ففعلت ذلك ، وألقي في روعي أنّها تلد ذكراً فخبّرته بذلك ، فقال لي : امض في حفظ الله فلا سلّط الله عليك ولا على أحد من ذريتك وشيعتك شيئاً من السباع ؛ فقلت : آمين ، آمين» .
٣٨٥ / ٣ ـ عن إسماعيل بن سلام وأبي حميد قالا : بعث إلينا علي بن يقطين وقال : اشتريا راحلتين ، وتجنبا الطريق ، ودفع إلينا مالاً وكتباً حتّى توصلا ما معكما من المال والكتب إلى أبي الحسن عليه السلام ، ولا يعلم بكما أحد .
قالا : فأتينا الكوفة واشترينا راحلتين ، وتزودنا زاداً ، وخرجنا نتجنب الطريق ، حتّى إذا صرنا ببطن البرية شددنا راحلتينا ، ووضعنا العلف لهما ، وقعدنا نأكل ، فبينما نحن كذلك إذ رأينا راكباً قد أقبل
___________________
٣ ـ اختيار معرفة الرجال : ٤٣٦ / ٨٢١ ، باختلاف فيه ، الخرائج والجرائح ١ : ٣٢٧ / ٢٠ ، كشف الغمة ٢ : ٢٤٩ ، مدينة المعاجز : ٤٦٨ ،