وقد تمسك الحشوية والمخطئة نتيجة فهمهم السيء بروايات لا يشك الباحث بأنّها من الإسرائيليات التي نفذت إلى تفاسير العامّة من خلال مفتريات اليهود الذين بقوا على يهوديتهم حتّى بعد اعلان إسلامهم كيدا في الدين ، أمثال كعب الأحبار الذي أفسد علم التفسير العامي من خلال ما بثّ فيه من أكاذيب لا أول لها ولا آخر ، وتناقلها بعض التابعين علىٰ أنّها حقائق مسلّمة.
ومنها ما رووه في هذه الآيات من أنّ سليمان عليهالسلام كان يحبّ الخيل ، فاشتغل ذات يوم بعرضها حتى توارت الشمس بالحجاب ولم يصلِّ ، فآمر بردّ الأفراس وكانت عشرين فرساً ذات أجنحة ! فانتقم منها شرّ انتقام فقتلها جميعا لأنّها شغلته عن ذكر ربّه ، ثمّ تاب بعد ذلك على خطئه واستغفر الله من ذلك !
وقد تأثّر بهذه الأكاذيب كبار مفسّريهم حتّى زعم الطبري في معنى قوله تعالى : ( إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ ... الخ ) بقوله : « يقول تعالى ذكره إنّه توّاب إلى الله من خطيئته التي أخطأها إذ عرض عليه بالعشي الصافنات ... » (١).
وقال العلّامة الطبرسي في مجمع البيان : « وفي روايات أصحابنا أنّه فاته أول الوقت ، وقال الجبائي : لم يفته الفرض ، وإنّما فاته نفل كان يفعله آخر النهار لاشتغاله بالخيل ، وقيل : إنّ ( ذِكْرِ رَبِّي ) كناية عن كتاب التوراة » (٢).
وقد روى الطبري عن ابن عباس قال : « سألت عليّاً عليهالسلام عن هذه الآية ، فقال عليهالسلام : ما بلغك فيها يا ابن عباس ؟ فقلت : سمعت كعباً يقول : اشتغل
___________
(١) جامع البيان / الطبري ٢٣ : ١٨٢ / ٢٢٩٥٣.
(٢) مجمع البيان ٨ : ٧٤٠.