لك أن تقتل بهيمة واحدة من غير ذنب ؟ لقال : كلا وألف كلا ، ولكن إذا جاء الدور إلى قصّة سليمان عليهالسلام ، قالوا : إنّه عرقب عشرين فرسا ( طيّاراً ) ثمّ ضرب أعناقها بلا ذنب ، ثمّ ندم على تفريطه واستغفر الله تعالى وتاب إليه.
ولو قلنا إليه : ما تقول في رجل من أثرياء العالم كان يمتلك عشرين طائرة ذات مواصفات عالية لا توجد إلّا فيها ، فهي لا تحتاج إلى مطار لتقلع منه أو تهبط عليه بل يكفيها في ذلك أي مكان ، ولا تحتاج في طيرانها إلى وقود أصلاً ، ولا تكلّف صاحبها أكثر من الحشيش ، ومع هذا فإنّ مالكها في حالة غضب أمر بتفجيرها كلّها في ساعة واحدة ، وأحالها إلى رماد !
لا شك أنّه سيرميه بالسفاهة ويحكم بالحجر على أمواله بلا أدنى تأمّل !
ولا فرق في هذا المثال وبين ما نسبوه إلى سليمان عليهالسلام.
ومن هنا وقف الإمامية تجاه هذه الأباطيل موقفاً صلباً ودافعوا عن جميع الأنبياء عليهمالسلام وأثبتوا عصمتهم اقتداء بأهل البيت عليهمالسلام ، وفي خصوص سليمان عليهالسلام ، قال السيد المرتضى قدّس الله روحه : « ظاهر الآية لا يدلّ على إضافة قبيح إلى النبيّ ، والرواية إذا كانت مخالفة لما تقتضيه الأدلّة لا يلتفت إليها لو كانت قويّة ظاهرة ، فكيف إذا كانت ضعيفة واهية ، والذي يدلّ على ما ذكرناه على سبيل الجملة ، أنّ الله تعالى ابتدأ الآية بمدحه والثناء عليه فقال : ( نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) (١) وليس يجوز أن يثني عليه بهذا الثناء ثمّ يتبعه من غير فصل بإضافة القبيح إليه ، وانّه تلهى بعرض الخيل عن فعل المفروض عليه من الصلاة ، والذي يقتضيه الظاهر أنّ حبّه للخيل وشغفه بها كان عن إذن ربّه وأمره وبتذكيره إيّاه ؛ لأنّ الله تعالى قد أمرنا بارتباط الخيل وإعدادها لمحاربة
___________
(١) سورة ص : ٣٨ / ٣٠.