الأعداء ، فلا ينكر أن يكون سليمان عليهالسلام مأمور بمثل ذلك » (١).
وقد تناول العلّامة المجلسي في البحار الآيات المذكورة وما قاله الحشوية ، وما أجاب به هو وعلماؤنا تفصيلاً ، وبين خطأ المخطئة من وجوه كثيرة لا حاجة بنا إليها بعد وضوح كذب تلك الروايات الملفّقة على لسان كعب الأحبار وغيره من حثالات الرواة.
جدير بالذكر أنّ الطبري روى عن ابن عباس في قوله تعالى : ( فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ) (٢) أنّه قال : « جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبّاً لها » ثمّ قال الطبري بعد ذلك : « وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن عباس أشبه بتأويل الآية ، لأنّ نبيّ الله عليهالسلام لم يكن إن شاء الله ليعذّب حيوان بالعرقبة ، ويهلك مالاً من ماله بغير سبب ، سوى أنّه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها ، ولا ذنب لها باشتغاله بالنظر إليها » (٣).
وهذا كلام مقبول ومعقول ، لكن ابن كثير رفض في تفسيره مثل هذا الكلام وقال عنه : « فيه نظر !! لأنّه قد يجوز في شرعهم جواز مثل هذا ، ولا سيما إذا كان غضباً لله تعالى بسبب أنّه اشتغل بها حتّى خرج وقت الصلاة » (٤).
وهو كما ترى قول متهافت وساقط جداً ، وأمّا التعليل الذي ذكره بعد قوله ( فيه نظر ) فهو لا يساوي في سوق ذوي الأبصار فلساً واحداً ، لأنّ قتل الأفراس بلا ذنب قبيح ، والقبيح لا يجوز ارتكابه في جميع الشرائع إلّا في شرع ابن كثير ، والقتل غضباً لله لا يكون إلّا على مستحقّه ، وإلّا فهو ليس لله
___________
(١) تنزيه الأنبياء : ٩٣.
(٢) سورة ص : ٣٨ / ٣٣.
(٣) جامع البيان ٢٣ : ١٨٦ / ٢٢٩٧٤.
(٤) تفسير ابن كثير ٤ : ٣٧.