تعالى ، والأنبياء عليهمالسلام منزهون عنه.
المورد الثاني : قوله تعالى : ( وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) (١).
وقد روى لهم شيخ المضيرة أبو هريرة في أصحّ كتبهم مرفوعاً أن سليمان النبي عليهالسلام قال : « لأطوفن الليلة عن سبعين امرأة تحمل كلّ امرأة فارساً يجاهد في سبيل الله ، فقال له صاحبه : إن شاء الله ، فلم يقل ، ولم تحمل شيئاً إلّا واحداً ساقطاً إحدى شقّيه » (٢) فهو الذي ألقى جسدا على كرسي سليمان !
وهذه الرواية كذب لا ريب فيه ، ولعلّ أبا هريرة أخذها من أُستاذه كعب الأحبار ونسبها إلى النبي صلىاللهعليهوآله كذباً ، والنبي صلىاللهعليهوآله أعلم من غيره بما يجوز وما لا يجوز على الأنبياء عليهمالسلام ، وقد نسبت هذه الرواية إلى سليمان ما لا يجوز عليه ، بل فضلت أحد رعيته عليه ، وجعلته أكثر من نبيّه علماً وذكراً لله عزّوجلّ !
على أنّ ظاهر رواية البخاري خبيث جداً لأنّه يفيد أن ترك سليمان عليهالسلام الاستثناء لا عن سهو بل عن عمد وسبق إصرار ، ألا ترى أبا هريرة يزعم أنّ أحد رعيته ذكّره بالاستثناء ومع هذا لم يفعل !
فانظر إلى مقام الأنبياء عليهمالسلام عند هؤلاء القوم الذين لا يفقهون حديثاً !
ولهم روايات أخرى كثيرة طافحة بكل خرافة آثرنا تركها لوضوح خرافاتها ، وخلاصتها أنّ سليمان عليهالسلام ضحك عليه جني أو شيطان اسمه صخر ، أو آصر ، أو آصف ، أو حبقيق ، وأنّه أخذ منه خاتمه وألقاه في البحر ،
___________
(١) سورة ص : ٣٨ / ٣٤ ـ ٣٥.
(٢) صحيح البخاري ٤ : ١٣٦.