ومن كان بهذه الصفات لابدّ أن يكون معصوماً مخلصاً كي يكون أهلاً للاقتداء.
ولذا نجد القرطبي يوافق الرازي في دلالة الآية على الهادي للحقّ فقال : ( دلّت الآية على أنّ الله تعالى لا يخلي الدنيا في وقت من الأوقات من داعٍ يدعو إلى الحقّ .. ) (١).
ونستطيع أن نستنتج من هذا بأنّ هذه الأُمّة هي آخر الأُمم وأنّه لابدّ أن يبقى منها من يقوم بأوامر الله مع قيام الدنيا وأنّه الهادي والداعي إلى الحقّ ، وما ذكره الرازي والقرطبي اعتراف منهما بما تقوله الإمامية من وجود الإمام المهدي عليهالسلام حجّة الله تعالى على أرضه ، وإلّا فمن هو الحجّة غيره يا ترىٰ ؟!
وقال السيّد الطباطبائي رحمهالله : إنّها ( تدلُّ على أنّ النوع الإنساني يتضمّن طائفة قليلة أو كثيرة مهتدية حقيقية ، إذ الكلام في الاهتداء والضلال الحقيقيين المستندين إلى صنع الله ومن يهدي الله فهو المهتدي ، ومن يضلّل فأُولئك هم الخاسرون ، والاهتداء الحقيقي لا يكون إلّا عن هداية حقيقية ، وهي التي لله سبحانه ) (٢).
ثمّ يقول : ( إنّ الهداية الحقيقيّة الإلهيّة لا تختلف عن مقتضاها بوجه وتوجب العصمة من الضلال ) (٣).
فالذي يهدي بالحقّ وبه يعدل لابدّ أن يكون معصوماً في جميع الأزمنة ، ولا يمكن بناءً على هذا أن يظهر المصداق لهذهِ الآية المباركة إلّا على ما نقول
___________
(١) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي ٤ : ٢٥٥.
(٢) الميزان / السيد الطباطبائي ٨ : ٣٤٥.
(٣) المصدر نفسه.