في الآية المباركة دلالة واضحة على عصمة الأنبياء وعدم إمكان الخطأ الذي يستتبع لوماً وعتاباً في حقّهم عليهمالسلام من جهة اشتمالها على مسائل أخرى ضبطها أصحاب التفسير فيما يتعلّق بأولي الأمر ومدى شمولها لهم عليهمالسلام ، والغرض الذي نتوخّاه منها هو إثباتها لعصمة الأنبياء عليهمالسلام من جهة الإطاعة الواجبة التي قرنها الله سبحانه وتعالى للأنبياء عليهمالسلام وأولي الأمر بطاعته جلّ ذكره لثبوت عصمتهم عليهمالسلام.
قال الشيخ الطوسي رحمهالله : ( ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد مطلقاً إلّا من كان معصوماً مأموناً من السهو والغلط ، وليس ذلك بحاصل في الأمراء ولافي العلماء ) (١).
وما يقارب من هذا اللفظ والمعنى ما نجده عند العلّامة الطبرسي رحمهالله حيث ذكر : ( ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد على الإطلاق إلّا من ثبتت عصمته ، وعلم أن باطنه كظاهره ، وأمن منه الغلط ، والأمر بالقبيح ) (٢).
ويستفيد السيد الطباطبائي رحمهالله من إطلاق الآية دليلاً على عصمتهم عليهمالسلام ، حيث قال : ( على أن الآية جمع فيها بين الرسول وأُولي الأمر ، وذكر لها معاً طاعةً واحدة فقال : ( وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (٣) وما يجوز على الرسول أن يأمر بمعصية أو بغلط في حكم ، فلو جاز في شيء من ذلك على أُولي الأمر لم يسع إلّا ان يذكر القيد الوارد عليهم ، فلا مناص من أخذ الآية مطلقة من غير تقيّد ، ولازمه اعتبار العصمة في جانب أُولي الأمر كما
___________
(١) التبيان ٣ : ٢٣٧.
(٢) مجمع البيان ٣ : ٨٣.
(٣) سورة النساء : ٤ / ٥٩.