أمّا قوله عزّوجلّ في آدم عليهالسلام : ( وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ )(٧)فأن الله عزّوجلّ خلق آدم حجّة في أرضه وخليفة في بلاده ، لم يخلقه للجنّة ، وكانت المعصية من آدم في الجنّة لا في الأرض لتتمّ مقادير أمر الله عزّوجلّ ، فلما أهبط إلى الأرض وجعل حجّةً وخليفةً عصم بقوله عزّوجلّ : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) (٨).
وأمّا قوله عزّوجلّ : ( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ )(١)إنّما ظنّ أنّ الله عزّوجلّ لا يضيق عليه رزقه ألا تسمع قول الله عزّوجلّ : ( وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ) (٢) ، أي ضيق عليه ولو ظن أن الله تبارك وتعالى لا يقدر عليه لكان قد كفر.
وأمّا قوله عزّوجلّ في يوسف : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ) (٣) فانّها همّت بالمعصية وهمّ يوسف بقتلها إن أجبرته ، لعظم ما داخله ، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة ، وهو قوله : ( كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ ـ يعني القتل ـ وَالْفَحْشَاءَ ) (٤).
وأمّا داود فما يقول مَنْ قبلكم فيه ؟
فقال علي بن الجهم : يقولون : إن داود كان في محرابه يصلّي إذ تصوّر له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور ، فقطع صلاته وقام ليأخذ
___________
(١) سورة طه : ٢٠ / ١٢١.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ٣٣.
(٣) سورة الأنبياء : ٢١ / ٨٧.
(٤) سورة الفجر : ٨٩ / ١٦.
(٥) سورة يوسف : ١٢ / ٢٤.
(٦) سورة يوسف : ١٢ / ٢٤.