إن جعل تلك الرموز المزيفة في حصانة عن النقد وادعاء عدالتها سوف لن يتيح الفرصة أمام أي اصلاح ، خصوصاً إذا ما علمنا أن الوهن الذي أصاب الأمة لم يكن ـ كما يدعيه الجهلاء ـ من ترسبات القرون الوسطى التي تفشّى بها الجهل الى حد بعيد ، وإنّما امتدت جذوره الى أعماق التاريخ الإسلامي ، واتصلت بتصرفات تلك الزعامات الهزيلة على مسرح الأحداث انطلاقاً من موقعها السياسي الرفيع الذي وصلته بالمكر والخديعة تارة ، وبالسيف تارة أخرى ، والناس على دين ملوكهم إلّا من عصم الله تعالى.
من هنا انطلقت محاولات التثقيف الرسالي ، لوعيها التام بأن أي بناء جديد لابد وأن يكون على أساس هدم كل بناء فاسد ، واقامة القواعد الصلبة للبناء الجديد. ومن البداهة أن تقاوم تلك الزعامات وأتباعها من الجهلة والمنتفعين هذا الاتجاه الفكري المعارض باتهامه بحب الزعامة وتفانيه من أجل الوصول إليها ، ولم يكن هذا ليمر على رجال الخط الإسلامي الأصيل دون رصد حقيقي له ، مع فضح أهدافه وغاياته ، وهو ما أعلنه الخط الملتزم حتى أدركت الأمة وبوقت مبكر من عمر السيرة المعصومة أن معارضتها لما هو قائم آنذاك لاينطوي على إرادتها الزعامة بقدر إرادتها بناء زعامة الإسلام وقيادة تعي ما يتطلبه الإسلام نفسه منها وما يحتاجه المجتمع المسلم ، وإذا كانت الزعامة تمثل طموحاً وهدفاً وفرصة لنمو الذات عند كل رجالات السلطة عبر التاريخ ، فإنّها ليست كذلك في نظر السيرة المعصومة ، بل هي عندها موقف للمسؤولية ، ورسالة الهية في حد ذاتها ، لامكان فيها لغير ذلك ، لأنّها رسالة خالدة تنفتح على الحياة بما رحبت ، وتحافظ على توازن الحياة في نفس الإنسان وعلاقته بخالقه وبنفسه ومجتمعه وبالحياة كلها ، ولن يتحقّق ذلك التوازن بدون سيادة الدين ، لأنّ المرتكزات الصلبة التي تنشدها السيرة المعصومة لذلك التوازن تصبّ في خدمة الإسلام عن طريق نشر مفاهيمه ومناهجه وشرائعه وأساليبه وأسسه وآدابه من منطلق صلاحية بقائها ودوام استمرار وجودها في الحياة.
وانطلاقاً من هذه الحقائق الإسلامية الثابتة حاول الأستاذ زين العابدين عبد علي طاهر نخل ما ورد في التراث الإسلامي بشأن عصمة الأنبياء عليهمالسلام سلباً أو إيجاباً ، وتقييمه بميزان السيرة المعصومة ، فجاء كتابه ( عصمة الأنبياء عليهمالسلام ) بعبارات مشرقة وأدلّة دامغة في إثبات عصمتهم عليهمالسلام ونزاهتهم عن كلّ ما افتراه الحشوية ومن وافقهم.
والله الهادي إلى سواء السبيل.
مركز الرسالة