وبالتدبّر في هذه الرواية وما يوافقها من روايات اُخرى في عصمة جميع الأنبياء عليهمالسلام كما تقدّم ، نجد أن آدم امتاز بالعصمة والطهارة ، وأنّه لم يكن مخالفاً لأمر مولوي بل كان في غاية الطاعة المطلقة ، وأنّه لم يستحق ذنباً ليعاقب عليه أو يؤاخذ على فعله.
وقد استفاد أتباع مذهب أهل البيت عليهمالسلام عصمة الأنبياء ونزاهتهم من كل ذنب من خلال أدلّتهم النقلية والعقلية التي كشفت الفهم الخاطئ والشبهات الواهية عن وجه حقيقة عصمة الأنبياء عليهمالسلام.
جدير بالذكر انّ الفخر الرازي على الرغم من كونه أفقه مفسّري العامّة وقع بما لا يقع فيه مبتدئ في التفسير حيث زعم كما تقدّم إنّ آدم تائب والتائب مذنب ، قال : وإنّما قلنا أنّه تائب لقوله تعالى : ( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ ) (١) وهذا عجيب إذ نسب التوبة لآدم ، وهي صريحة بأنّها من الله على آدم ، والمراد بها الرحمة واللطف ، والدليل على أنّها من الله رغم ظهورها في هذا المعنى تعدّيها بـ ( على ) ، وهكذا كلّ توبة نسبت لله لابدّ من تعديها بهذا الحرف ، وأمّا لو كانت من غيره تعالى فتتعدّى بالحرف ( إلى ) ، كما في قولنا : تاب فلان إلى الله تعالى من ذنبه.
وهناك بعض الآيات الأُخرى في آدم عليهالسلام التي احتجّ بها الرازي وغيره تركناها اختصاراً لظهور بطلان كلامهم فيها (٢).
___________
(١) سورة طه : ٢٠ / ١٢٢.
(٢) راجع كلامهم في : الكشاف ٢ : ١٧٧ ، وعصمة الأنبياء : ٢٢ ، والجامع لأحكام القرآن ٤ : ٢٦٠ ، ومختصر تفسير ابن كثير ٢ : ٧٥ ستجدها مملوءة بالمفتريات على الأنبياء والرسل عليهمالسلام.