( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) (١).
وهذا محض خيال فاسد بُني على فهم خاطئ لمعنى قوله عليهالسلام ( هَٰذَا رَبِّي ).
والصحيح في ذلك ما رواه علي بن محمد بن الجهم قال : « حضرت مجلس المأمون وعنده الإمام الرضا علي بن موسى عليهماالسلام ، فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك : الأنبياء معصومون ؟
قال : بلىٰ ـ إلى أن قال المأمون ـ فأخبرني عن قول الله عزّوجلّ في حق إبراهيم عليهالسلام : ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ) (٢) ؟
فقال الرضا عليهالسلام : إن إبراهيم عليهالسلام وقع إلى ثلاثة أصناف : صنف يعبد الزهرة ، وصنف يعبد القمر ، وصنف يعبد الشمس ، وذلك حين خرج من السرب الذي أُخفي فيه ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ ) فرأى الزهرة قال : ( هَٰذَا رَبِّي ) ؟! على الإنكار والاستخبار ( فَلَمَّا أَفَلَ ) الكوكب قال : ( لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ) ؛ لأن الأفول من صفات المُحْدَث لا من صفات القِدَم ( فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ) ؟! على الإنكار والاستخبار ( فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ) (٣) يقول : لو لم يهدني ربي لكنت من القوم الضالين ، فلما أصبح ( رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ) ؟! من الزهرة والقمر على الإنكار والاستخبار لا على الإخبار والإقرار ( فَلَمَّا أَفَلَتْ ) قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة والقمر والشمس : ( يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ
___________
(١) سورة الأنعام : ٦ / ٧٩.
(٢) سورة الأنعام : ٦ / ٧٦.
(٣) سورة الأنعام : ٦ / ٧٧.