المعتزلة (١).
القول الثالث : إنّ قول إبراهيم عليهالسلام المذكور صدر منه وهو في زمان مهلة نظر ، أي كان في حال الاستدلال ، ومهلة النظر ـ كما قيل ـ أكثر من ساعة وأقل من شهر.
وهذا القول ذكره الشيخ الطوسي أيضاً ونسبه إلى البلخي (٢). وقد تردّد جلّ مفسري العامة بين القولين الأخيرين (٣).
أمّا عن القول الأوّل فقد كفانا الفخر الرازي بأنّه لا يدعي الكذب على الأنبياء عليهمالسلام إلّا كذّاب أو زنديق وسيأتي كلامه في جواب الآيات الأخرى التي تمسّك بها المخطئة في عدم عصمة الأنبياء عليهمالسلام.
وأما قولهم بأنّه قال ذلك في صباه كما مرّ في القول الثاني ، فكأنّهم أرادوا جواز الشرك عليه في مرحلة الصبا بقوله ( هَٰذَا رَبِّي ) ! مع أن كل إنسان يولد على الفطرة مسلماً فكيف بإبراهيم عليهالسلام ، ثم هل يجوز الشرك على الأنبياء عليهمالسلام قبل بعثتهم ؟ وهم المصطفون الأخيار الذين اصطفاهم الله وفضّلهم ورفع ذكرهم في التوراة والزبور والإنجيل والقرآن.
وأمّا القول الثالث وهو أنّه عليهالسلام كان في حال استدلال ، فكأنّهم أرادوا به تجويز الخطأ على إبراهيم عليهالسلام قبل إتمام عملية الاستدلال ، لأن المستدلّ قد لا يحصل له العلم بالمطلوب قبل صياغة الدليل ، وهكذا كان إبراهيم عليهالسلام بزعمهم ، وأنّه لما تمّ استدلال حصل له اليقين بالصانع الحق ولهذا قال :
___________
(١) التبيان ٤ : ١٨٢.
(٢) التبيان ٤ : ١٨٣.
(٣) راجع : تفسير البيضاوي ٧ : ٢٩ ، وعصمة الأنبياء / الرازي : ٢٨ ـ ٢٩ ، والجواهر الحسان / الثعالبي ١ : ٤٩٤ ، وتفسير ابن جزي ١ : ٢٦٦ ، وغيرهم.