كتبهم التي عُنيت بهذه المواضيع تزخر بتلك الشُبَه ، فتارة ينطلقون من التوبة وأخرى من الاستغفار وثالثة من الإنابة ويزعمون أن الأنبياء في هذه المواقف وغيرها حصل منهم ما يجعلهم كغيرهم من البشر يخطئون ويذنبون ويتوبون ثم أنهم يعاتبون كما يعاتب سائر الناس.
وانطلاقاً من واجب الدفاع عن عصمة الأنبياء عليهمالسلام وعموم رسالاتهم الخالدة وكمال نفوسهم الشريفة وُلِد هذا البحث ليدفع عنهم كل أنواع الشبه عند من تأول وأثبت وقوع ألوان اللوم والعتاب الوارد في حقهم كما زعمه أولئك المخطئون من خلال جمودهم على ظواهر النص من غير تأويل أو أخذ بالمعاني القريبة الأخرى ، نظير تعاملهم مع ما يدلُّ بظاهره على التجسّم المنفي عن الله عزّوجلّ عقلاً وشرعاً.
وقد خصصت في بحثي هذا عدداً من الأنبياء عليهمالسلام وليس جميعهم مراعياً الضرورة الموضوعية والزمانية واختيار الحالات التي تمثل قواسم مشتركة ودلالات متشابهة.
وقد أجّلت البحث عن عصمة أشرف الأنبياء والمرسلين صلّى عليه وآله وعليهم أجمعين ؛ لسببين :
أحدهما : إنّه مع إثبات العصمة لجميع الأنبياء عليهمالسلام لا يعقل أن لا يكون أشرفهم وخاتمهم عليه وعليهمالسلام معصوماً.
الثاني : كثرة شبهات مفسّري المخطّئة حول العصمة المطلقة للنبي الأعظم صلىاللهعليهوآله ، فضلاً عن كثرة الروايات في عدم العصمة عند أصحاب الحديث من الحشوية ومن لفّ لفّهم ، الأمر الذي يتطلّب إفراد عصمة النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله في كتاب مستقلّ. عسى أن أوفّق إليه مستقبلاً.
ومنه تعالى نستمد العون والتوفيق.