بِقَرِيبٍ ) (١).
فوجود أكثر من مؤمن غير سارة في عصر إبراهيم عليهالسلام متحقق على كل حال ، فكيف يمكنه عليهالسلام إذن نفي وجود المؤمن في عصره لولا سقم هذين الخبرين وكذب من اختلقهما ؟!
جدير بالذكر أنّ الفخر الرازي تعرض إلى هذه الفرية في تفسيره ونقدها نقداً لاذعاً واتّهم رواتها بالكذب تارة والزندقة تارة أُخرى.
فبعد أن ذكر عدّة وجوه في معنى قوله تعالى : ( إِنِّي سَقِيمٌ ) وكلّها تُنزّه إبراهيم الخليل عليهالسلام من تهمة الكذب ، قال :
« الوجه السابع : قال بعضهم : ذلك القول من إبراهيم عليه السلام كذبة ! ورووا فيه حديثاً عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : ما كذب إبراهيم إلّا ثلاث كذبات !
قلت لبعضهم : هذا الحديث لا ينبغي أن يُقبَل ؛ لأنّ نسبة الكذب إلى إبراهيم لا تجوز.
فقال ذلك الرجل : فكيف يُحكَم بكذب الرواة العدول ؟
فقلت : لمّا وقع التعارض بين نسبة الكذب إلى الراوي وبين نسبته إلى الخليل عليهالسلام ، كان من المعلوم بالضرورة أنّ نسبته إلى الراوي أولى » (٢).
وقد صرّح الرازي قبل ذلك بنحو هذا وزاد عليه زندقة من اتّهم إبراهيم عليه السلام بالكذب ؛ إذ قال ما هذا لفظه :
«فإن قيل : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ ) كذب ! والجواب : للناس فيه قولان ، أحدهما : وهو قول كافّة المحقّقين أنّه ليس بكذب ».
___________
(١) سورة هود : ١١ / ٨١.
(٢) التفسير الكبير / الفخر الرازي ١٤ : ٤٩ في تفسير الآية (٨٩) من سورة الصافّات.