فقال أنا : فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه ، فأوحى الله إليه أنّ لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك ... » (١).
وقال الزمخشري : « وروي أنه لما ظهر موسى على مصر مع بني إسرائيل واستقروا بها بعد هلاك القبط ، أمره الله أن يذكِّر قومه النعمة ، فقام فيهم خطيباً فذكر نعمة الله وقال : إنّه اصطفى نبيّكم وكلمة فقالوا له قد علمنا هذا ، فأيّ الناس أعلم ؟ قال أنا : فَعَتَب الله عليه حين لم يردّ العلم إلى الله ، فأوحى إليه : ( بل أعلم منك عبد لي عند مجمع البحرين وهو الخضر ) (٢).
أما القرطبي فقد علّق على الآية الكريمة ( وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ) (٣) قائلاً : « وسبب هذه القصة ما أخرجه الصحيحان عن أبي بن كعب انّه سمع رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إنّ موسى عليهالسلام قام خطيباً في بني إسرائيل فَسُئِلَ أيّ الناس أعلم ؟ فقال أنا ، فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه فأوحى الله إليه : أنّ لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك ... » (٤).
والرواية ظاهرة البطلان ، وحاشا لابن عباس أن يقول بحق نوف البكالي ( كذب عدو الله ) لعلمه الأكيد بجلالة نوف البكالي رضي الله تعالى عنه ووثاقته وحبه الشديد لأمير المؤمنين الإمام علي عليهالسلام ، وتمسكه بالثقلين كتاب الله وعترة نبيه صلىاللهعليهوآله ، الأمر الذي يشير إلى تلك اليد الأموية الخبيثة في صناعة الخبر المذكور كما هو حالها في صناعة الكثير من الأخبار التي أودعها
___________
(١) ظ : صحيح البخاري ٧ : ٦٠٧ باب حديث الخضر مع موسى.
(٢) الكشاف ٢ : ٦٨٣.
(٣) سورة الكهف : ١٨ / ٦٠.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٥ : ٢٧٨.