وآثام تصل إلى مستوى القتل بحيث يجرّ ذلك لهم اللوم والعتاب من الله تعالى.
وهذا المعنى نقرأه عند الزمخشري حيث ذهب إلى أن موسى عليهالسلام عندما نسب قتل الكافر إلى عمل الشيطان وسماه ظلماً لنفسه واستغفر منه ؟ لأنه قتل قبل أن يؤذن له في القتل ، فكان ذنباً يستغفر منه ، ثم أنه يؤيد ما ذهب إليه بقول ابن جريح من أنه ليس لنبي أن يقتل ما لم يُؤمر (١) ، ونحوه عند القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (٢).
إن هذا الإتجاه المنحرف في فهم تلك الآيات قد ناقشه الفخر الرازي في عصمة الأنبياء عليهمالسلام ، ولكنه ـ مع ذلك ـ وقع في تحميل قصة موسى مع الرجل القبطي ما لم تبينه تلك الآيات الشريفة المبينة لتلك القصة ، حيث ذكر أن مخطئة الأنبياء عليهمالسلام قد احتجوا بالآيات المذكورة من وجوه.
( أحدها ) : إنّ ذلك القبطي أمّا أن يقال : إنّه كان مستحق القتل أو لم يكن كذلك ، فإن كان الأوّل فلِمَ قال ( هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) ولِمَ قال : ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ) ، ولِمَ قال في سورة أُخرىٰ ( فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) (٣) ، وإن كان الثانيَ وهو أن ذلك القبطي لم يستحقّ القتلِ كان قتله معصية وذنباً.
( ثانيها ) : إنّ قوله : ( وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ) يدلُّ على أنّه كان كافراً حربياً فكان دمه مباحاً فلِمَ استغفر عنه ، والاستغفار عن الفعل المباح غير جائز لأنّه يوهم في المباح كونه حراماً.
( ثالثها ) : إنّ الوكز لا يقصد به القتل ظاهراً فكان ذلك القتل قتل خطأ ،
___________
(١) الكشاف ٣ : ٤٠٢.
(٢) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي ٧ : ١٧٠.
(٣) سورة الشعراء : ٢٦ / ٢٠.