قال الرضا عليهالسلام : إنّ موسى دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها ، وذلك بين المغرب والعشاء ، فوجد فيها رجلين يقتتلان من شيعته ، وهذا من عدوه ، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه ، فقضى موسى على العدو وبحكم الله تعالى ذكره فوكزه فمات ، قال هذا من عمل الشيطان ، يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى عليهالسلام من قتله أنّه يعني الشيطان عدو مضل مبين.
فقال المأمون : فما معنى قول موسى رب اني ظلمت نفسي فاغفر لي ؟
قال : يقول : انّي وضعت نفسي غير موضعها بدخولي هذه المدينة فاغفر لي ، أي استرني من أعدائك لئلّا يظفروا بي فيقتلوني فغفر له انّه هو الغفور الرحيم ، قال موسى عليهالسلام : ( رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ) من القوة حتى قتلت رجلاً بوكزه ( فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ ) بل أجاهد سبيلك بهذه القوة حتى رضى ( فَأَصْبَحَ ) موسى عليهالسلام في المدينة ( خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ) على آخر ( قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ) (١) قاتلت رجلاً بالأمس وتقاتل هذا اليوم لأُوذينّك ، وأراد أن يبطش به ( فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا ) وهو من شيعته ( قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ) (٢).
قال المأمون : جزاك الله عن أنبيائه خيراً يا أبا الحسن ، فما معنى قول موسى لفرعون : ( فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) (٣).
___________
(١) سورة القصص : ٢٨ / ١٨.
(٢) سورة القصص : ٢٨ / ١٩.
(٣) سورة الشعراء : ٢٦ / ٢٠.