وفي ختام الكلام عن المقيّد بالمانع الشرعي ينبّه السيّد الشهيد على بعض الأمور :
الأوّل : أنّ الواجب الذي يكون مقيّدا ـ بالإضافة إلى القدرة التكوينيّة بالمعنى الأعمّ ـ بعدم المانع الشرعي ، يطلق عليه التكليف المشروط بالقدرة الشرعيّة ، ويراد بهذا أنّه مقيّد بكلا هذين المقيّدين ، أمّا الواجب الذي لا يكون مقيّدا بهذا القيد الزائد وإنّما يكون مقيّدا بالقدرة التكوينيّة بالمعنى الأعمّ فقط فيطلق عليه التكليف المشروط بالقدرة العقليّة ، ويراد به أنّه مقيّد بالأمر الأوّل دون المانع الشرعي.
الثاني : إذا كان هناك تزاحم بين واجبين كان أحدهما مقيّدا بالقدرة الشرعيّة بالمعنى المذكور والآخر مقيّد بالقدرة العقليّة ، قدّم المقيّد بالقدرة العقليّة على المقيّد بالقدرة الشرعيّة حتّى وإن كان الأخير أهمّ ملاكا ، فإنّه لا اعتبار حينئذ بأهمّيّة ملاكه ؛ لأنّه لا موضوع له لا حكما ولا ملاكا مع فعليّة المانع الشرعي كما تقدّم بيانه.
وأمّا إذا كانا معا مقيّدين بالقدرة العقليّة فقط ولم يكن في أحدهما تقييد زائد فيجري قانون التزاحم ويقدّم الأهمّ ملاكا على الأقلّ أهمّيّة.
الثالث : أنّ اصطلاح القدرة الشرعيّة هنا يختلف عن الاصطلاح المتقدّم للقدرة الشرعيّة ، فالقدرة الشرعيّة هنا معناها : التقييد بالقدرة التكوينيّة بالمعنى الأعمّ وبعدم المانع الشرعي ، ويقابلها القدرة العقليّة التي تعني التقييد بالقدرة التكوينيّة بالمعنى الأعمّ فقط.
وأمّا القدرة الشرعيّة المتقدّمة في الحلقة السابقة وهنا أيضا فيراد بها كون القدرة دخيلة في الملاك والمبادئ والشوق المولوي ، ويقابلها القدرة العقليّة وهي عدم دخالة القدرة في الملاك والمبادئ.
وبهذا ينتهي البحث عن الترتّب وعن اشتراط القدرة التكوينيّة بالمعنى الأعمّ في التكليف.