والمراد من شروط الاتّصاف هو أنّ الفعل لا يتّصف بالمصلحة إلا إذا تحقّق الشرط ، فلا تكون المصلحة فعليّة إلا بعد وجود هذا الشرط.
بينما المراد من شروط الترتّب هو أنّ استيفاء المصلحة من الفعل على الوجه المطلوب منه لا يتحقّق إلا بوجود الشرط ، ومن دون هذا الشرط لا تستوفى ولا تترتّب المصلحة المرجوّة من الفعل.
وبيان هذا الأمر يستدعي البحث عن كلّ مرحلة من مراحل الوجوب ، لنرى كيف تكون القيود المأخوذة فيها ، وأنّها قيود وشروط للاتّصاف أم للترتّب؟ وبعد ذلك بحث حول إمكانيّة واستحالة الوجوب المشروط ، فنقول :
المرحلة الأولى : مرحلة الملاك ، والشروط فيها تارة تكون للاتّصاف وأخرى للترتّب.
ونطبّق الفكرة ضمن المثال التالي : استعمال الدواء واجب للمريض. ففي مرحلة الملاك نلاحظ أنّ استعمال المريض للدواء ناتج عن حاجة الجسم للشفاء من المرض لكي يعود إلى وضعه الطبيعي ، وحاجة الجسم هذه لا تتحقّق فيما إذا كان سليما من المرض ، بل تتحقّق مع وجود المرض ، بحيث لو لا وجود المرض لم يكن الجسم محتاجا إلى الدواء أصلا ، ولذلك يكون الإنسان الصحيح والسليم غير محتاج إلى الدواء ، بينما الإنسان المريض محتاج إلى الدواء ، ومن هنا كان الدواء ذا مصلحة للمريض دون الصحيح ، ممّا يعني أنّ المرض شرط وقيد لاتّصاف الدواء بالمصلحة ولولاه لم يكن فيه مصلحة أصلا.
والحاصل : وأنّ المرض شرط للاتّصاف بالمصلحة ، أي أنّه لا ملاك من دون هذا الشرط.
ثمّ إنّنا قد نفترض الشرط في هذه المرحلة للترتّب ، بمعنى أنّ المصلحة والملاك لا يستوفيان من الفعل إلا إذا تحقّق الشرط ، ومن دونه لا تستوفى المصلحة وإن كانت موجودة بالفعل ، ولذلك يقول السيّد الشهيد :
ثمّ قد نفرض أنّ الطبيب يأمر بأن يكون استعمال الدواء بعد الطعام ، فالطعام هنا شرط أيضا ولكنّه ليس شرطا في اتّصاف الفعل بالمصلحة ، إذ من الواضح أنّ المريض مصلحته في استعمال الدواء منذ يمرض ، وإنّما الطعام شرط في ترتّب تلك