المصلحة وكيفيّة استيفائها بعد اتّصاف الفعل بها ، فالطبيب بأمره المذكور يريد أن يوضح أنّ المصلحة القائمة بالدواء لا تستوفى إلا بحصّة خاصّة من الاستعمال ، وهي استعماله بعد الطعام ، وكلّ ما كان من هذا القبيل يسمّى بشرط الترتّب تمييزا له عن شرط الاتّصاف ، وشرب الدواء ـ سواء كان مطلوبا تشريعيّا من قبل الآمر أو مطلوبا تكوينيّا لنفس المريض ـ له هذان النحوان من الشروط.
وأمّا تطبيق شروط الترتّب في مرحلة الملاك فتتوضّح ضمن المثال التالي :
استعمال الدواء للمريض واجب بعد تناوله الطعام أو في المساء مثلا. فهنا نلاحظ أنّ تقييد الاستعمال بكيفيّة خاصّة منه أو بفترة زمنيّة معيّنة لا ترجع إلى قيود الاتّصاف ؛ لأنّه من الواضح أنّ المريض يحتاج إلى الدواء ومصلحته فعليّة في استعمال الدواء لأجل الشفاء من المرض ؛ لأنّه ما دام المرض موجودا فالمصلحة متحقّقة في استعمال الدواء ، ولكن حيث إنّ استعمال الدواء له حصص كثيرة إن من جهة الكيف أو الكم أو الزمان ، فإذا اشترط استعماله في زمان أو كيفيّة أو كميّة معيّنة معلومة ، فهذا معناه أنّ ترتّب المصلحة المرجوّة من استعمال الدواء من أجل الشفاء من المرض لا تتحقّق ولا تترتّب ولا تستوفى إلا بعد توفّر القيد والشرط المذكور.
ممّا يعني أنّ استيفاء المصلحة من الدواء لا يكون مطلقا ، بل الاستعمال الخاصّ هو الموجب لترتّب هذه المصلحة ، بحيث لو استعمل المريض الدواء من دون هذا الشرط لم تترتّب المصلحة المرجوّة من الدواء ولم يتحقّق الشفاء أصلا.
ومن هنا كان التقييد المذكور شرطا للاستيفاء والترتّب لا للاتّصاف ؛ لأنّ الدواء يتّصف بأنّه ذو مصلحة للإنسان ما دام مريضا ؛ لأنّ المرض هو الذي يحقّق الاتّصاف بالمصلحة ، بينما كيفيّة ونوعيّة الاستعمال تحقّق الاستيفاء لهذه المصلحة.
وبهذا يتبيّن أنّ الشروط في مرحلة الملاك تارة تكون راجعة إلى اتّصاف الفعل بالمصلحة فتسمّى بشروط الاتّصاف ، وأخرى تكون راجعة إلى كيفيّة استيفاء وترتّب هذه المصلحة فتسمّى بشروط الترتّب.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون الفعل المطلوب فعلا تشريعيّا كطلب الآمر من مأموره ذلك ، أو أن يكون فعلا تكوينيّا كسعي الإنسان بنفسه لتحصيل الفعل ، فشرب الدواء مثلا له هذان النحوان من القيود ( الاتّصاف والترتّب ) ، سواء كان طلبه