وبهذا ينتهي البحث عن إمكان الوجوب المشروط ، وقد ظهر ممّا تقدّم أنّه ممكن.
وأمّا ثمرة البحث عن إمكان الوجوب المشروط وامتناعه فتظهر في بحث مقبل (١) إن شاء الله تعالى.
حاصل الثمرة أن يقال : إنّ من ينكر الوجوب المشروط ويقول بامتناعه يرجع القيود كلّها إلى الواجب ، فيكون الوجوب فعليّا من أوّل الأمر ويكون المكلّف مسئولا عن إيجاد المقدّمات التي يفوت الواجب لو لا وجودها ، والمحرّك لذلك هو الوجوب الفعلي ، بينما من يؤمن بالوجوب المشروط لا يرى المكلّف مسئولا عن المقدّمات التي ترجع إلى الوجوب ؛ لأنّه قبل وجودها لا فعليّة للوجوب فلا يكون محرّكا نحو إيجادها وتحقيقها ، إلا إذا كانت مفوّتة دائما كما في بعض الحالات (٢).
__________________
(١) تحت عنوان : المسئوليّة عن المقدّمات قبل الوقت.
(٢) وتوضيح ذلك ضمن المثال التالي :
وجوب الغسل على الجنب قبل طلوع الفجر في شهر رمضان ، فعلى إنكار الوجوب المشروط فالوجوب فعلي من حين هلال شهر رمضان ، فيحرّك نحو الغسل. بينما على القول بإمكان الوجوب المشروط قد يقال بأنّ وجوب الصوم للغد يبدأ من حين طلوع الفجر لا قبله ، فلما ذا يجب الاغتسال قبله؟
ولكن يجاب بأنّه يوجد وجوبان : وجوب لصوم الشهر من حين طلوع الهلال ، ووجوب لصوم كلّ يوم يوم وهو يبدأ من حين طلوع الفجر إلى الغروب ، أو يقال : إنّ هذا الشرط للواجب أي للصوم الواجب فيجب تحصيله ؛ لأنّ الوجوب يكون منصبّا على صوم اليوم من شهر رمضان مع الطهارة من الحدث الأكبر.
وسوف يأتي مزيد توضيح وبيان لهذه الثمرة في الأبحاث اللاحقة.