عليه الأمر الشرعي ، والمفروض أنّه ثابت من دونها ، فهذا الافتراض خلف حقيقة المقدّمات الوجوبيّة.
وأمّا إذا لم يكن الوجوب ثابتا ولا فعليّا فهذه المقدّمات وإن كانت مقدّمات وجوبيّة إلا أنّه لا يوجد ما يحرّك المكلّف نحو إيجادها وتحصيلها ؛ لعدم وجود الأمر والوجوب ، فكيف يمكن أن يكون الوجوب باعثا ومحرّكا نحوها وهو غير موجود بعد؟! فإنّ هذا الافتراض معناه تأثير المعدوم في الموجود وهو مستحيل عقلا ؛ إذ فرض عدم ثبوت الوجوب يعني افتراض عدمه ومعه فلا يكون له أي تأثير على المقدّمات من تحريك وباعثيّة.
وبهذا يظهر أنّ المقدّمات الوجوبيّة لا يمكن أن يكون المكلّف مسئولا عنها ولا يحكم العقل بوجوب تحصيلها ؛ لأنّها قبل الوجوب والأمر لا يوجد الداعي والمحرّك نحوها ، وبعده يفترض فعليّة الوجوب ومعه لا يكون متوقّفا عليها ، وتخرج عن كونها مقدّمات وجوبيّة ، وهو خلف.
وأمّا المقدّمات الوجوديّة ـ سواء العقليّة كقطع المسافة أو الشرعيّة كالطهارة ـ فيكون المكلّف مسئولا عن إيجادها وتحصيلها ؛ لأنّ الوجوب يفترض كونه ثابتا وفعليّا لتحقّق موضوعه وما هو دخيل فيه وبعد فعليّته فهو يدعو إلى إيجاد متعلّقه ؛ لأنّ كلّ وجوب وكلّ طلب يدعو إلى إيجاد متعلّقه ، والمتعلّق للوجوب هو الواجب ، فيكون المكلّف مسئولا عن إيجاد الواجب ومطالبا به ويستحقّ الإدانة والعقاب على تركه ، ولمّا كان هذا الواجب متوقّفا على تلك المقدّمات فالعقل يحكم بلزوم تحصيلها وإيجادها ؛ وذلك لوجود المحرّك والباعث نحو ذلك ، وهو الوجوب والأمر الشرعي الثابت والفعلي.
فالأمر بوجوب الصلاة المقيّدة بالوضوء والمقيّد بالزوال يصبح فعليّا إذا زالت الشمس ، وبعد زوالها يصبح المكلّف مسئولا عن إيجاد متعلّق الوجوب أي الصلاة المقيّدة لا ذات الصلاة كما تقدّم ، ومن أجل إيجاد هذا التقيّد لا بدّ من تحصيل القيد وهو الوضوء فيكون المكلّف مسئولا عن إيجاد هذه المقدّمة الوجوديّة للواجب ومطالبا بها ، والمحرّك لذلك هو وجوب الصلاة الذي صار فعليّا بالزوال.
إلا أنّ الوجوب إنّما يحرّك نحو إيجاد المقدّمات الوجوديّة فيما إذا صار فعليّا كما