قيديّة الختان في صحّة الحجّ ؛ فإنّه قيد متقدّم على الحجّ بمعنى أنّه يجب تحقّقه قبل الحجّ الواجب.
وأمّا القيد المقارن للواجب : فهو من قبيل الاستقبال حال الصلاة ، فإنّه يشترط في الصلاة استقبال القبلة ، وهذا القيد يجب تحقّقه من حين الشروع في الصلاة الواجبة إلى حين الفراغ منها ، فهو شرط وقيد مقارن لها ، وهكذا بالنسبة للطهارة التي تحصل بالوضوء أو الغسل أو التيمّم فيما إذا قلنا بأنّ الشرط هو الطهارة لا نفس الأفعال.
وهذان النوعان من القيود ـ المقارنة والمتقدّمة ـ سواء كانت راجعة إلى الحكم أو إلى متعلّق الحكم لا إشكال في إمكانهما ووقوعهما أيضا.
أمّا القيود المقارنة للوجوب أو للواجب فالأمر فيها واضح ؛ لأنّ القيد لمّا كان بمثابة العلّة أو جزء العلّة فلا بدّ أن يكون شيء منها مقارنا ومعاصرا لزمان المعلول.
وأمّا القيود المتقدّمة على الوجوب أو الواجب فلم يستشكل فيها أحد سوى صاحب ( الكفاية ) حيث ذهب إلى استحالتها ؛ لأنّ تقدّم العلّة بتمامها على المعلول غير معقول.
وأجيب على ذلك بأنّ هذه القيود قيود معدّة أي أنّها تعدّ لحصول الشيء المترتّب عليها ، وهذه لا يشترط معاصرتها.
والصحيح : أنّ القيود المتقدّمة هي قيود مقارنة أيضا ، ولكن بلحاظ البقاء لا الحدوث ، فهي تحدث قبل الوجوب ولكنّ استمرارها وبقاءها إلى زمان الوجوب أو الواجب ضروري ، وإلا فلو زالت بعد حدوثها انتفى الوجوب أو الواجب.
هذا كلّه مقدّمة لأصل البحث وهو الشرط المتأخّر ، فهل هو معقول أم لا؟ ولذلك قال :
وقد افترض في الفقه أحيانا كون القيد متأخّرا زمانا عن المقيّد ، ومثاله في قيود الحكم قيديّة الإجازة لنفوذ عقد الفضولي ، بناء على القول بالكشف ، ومثاله في قيود الواجب غسل المستحاضة في الليل الدخيل في صحّة صيام النهار المتقدّم ، على قول بعض الفقهاء (١).
ومن هنا وقع البحث في إمكان الشرط المتأخّر وعدمه ، ومنشأ الاستشكال هو :
__________________
(١) منهم الشيخ الطوسي وابن إدريس ، كما ذكر ذلك في الجواهر ١٦ : ٢٤٧.