أنّ الشرط والقيد بمثابة العلّة أو جزء العلّة للمشروط والمقيّد ، ولا يعقل أن تتأخّر العلّة أو شيء من أجزائها زمانا عن المعلول ، وإلا يلزم تأثير المعدوم في الموجود ؛ لأنّ المتأخّر معدوم في الزمان السابق فكيف يؤثّر في وقت سابق على وجوده؟!
الشرط المتأخّر : هناك بعض الموارد الفقهيّة التي افترض فيها كون القيد أو الشرط متأخّرا زمانا عن المقيّد والمشروط ، وتصويره تارة يكون بلحاظ الوجوب والحكم ، وأخرى بلحاظ الواجب والمتعلّق.
أمّا تصوير الشرط المتأخّر الراجع إلى الوجوب والحكم فهو ما يقال : من أنّ عقد الفضولي لا ينفذ ولا يترتّب عليه الأثر المطلوب منه ، وهو الملكيّة والنقل والانتقال إلا إذا أجيز من قبل المالك أو وكيله ، فهنا قيديّة الإجازة اعتبرت شرطا متأخّرا زمانا على عقد الفضولي ، بناء على القول بالكشف لا النقل.
وتوضيحه : أنّنا إذا قلنا بأنّ الإجازة كاشفة كان معنى ذلك أنّ العقد يكون مؤثّرا في ترتيب الأثر ، ويعتبر نافذا من حين صدور العقد فيما إذا تعقّبته الإجازة ، فهي كاشفة عن ذلك ، وهي بهذا اللحاظ تكون شرطا متأخّرا.
وأمّا إذا قلنا بأنّ الإجازة ناقلة فهذا يعني أنّ ترتّب الأثر يبدأ من حين صدور الإجازة لا من حين صدور العقد ، ولذلك فهي تكون شرطا مقارنا للنفوذ والصحّة وترتّب الأثر ، أي أنّه من حين الإجازة يؤثّر العقد لا قبلها.
وهكذا أيضا بالنسبة لوجوب الصوم على المستحاضة فإنّه مقيّد بالغسل الليلي ، فإذا اغتسلت المستحاضة في الليل كشف ذلك عن أنّ الصوم لليوم السابق كان واجبا عليها من حين طلوع الفجر ، فيكون وجوب الصوم في اليوم السابق مشروطا بالغسل في الليل ، وهذا لا يكون إلا بعد انتهاء الزمان للصوم.
وأمّا تصوير الشرط المتأخّر الراجع إلى الواجب والمتعلّق ، فهو ما يقال : من أنّ صحّة صوم المستحاضة في اليوم السابق مشروط بالغسل في الليل على قول بعض الفقهاء ؛ لأنّه هنا يوجد قولان :
أحدهما : أنّ غسل الاستحاضة الليلي شرط في صحّة صوم اليوم السابق ، وعلى هذا يكون الغسل الليلي شرطا متأخّرا ؛ لأنّ الواجب وهو الصوم من الفجر إلى الليل قد تحقّق وانتهى زمانه قبل الغسل.