تعييني لا بديل ولا عدل له ، فإنّ البحث التحليلي عن حقيقة الوجوب التخييري تنفع في كيفيّة إجراء الأصل العملي.
وتوضيحه : أنّنا إذا قلنا بأنّ الوجوب التخييري عبارة عن وجوب الجامع ـ لاستحالة الوجوبات المشروطة من جهة كونها تستلزم تعدّد العقاب فيما لو ترك الجميع لفعليّة كلّ منها في هذه الحالة لأنّ ترك الآخر متحقّق ـ فسوف يكون الفرض المذكور من موارد الدوران بين التعيين والتخيير.
ففي كفّارة الصوم مثلا سوف يدور الأمر بين إيجاب واحدة من الخصال الثلاث على سبيل التعيين ، أو إيجابها على سبيل التخيير بينها وبين الأخريين.
وحينئذ سوف يرتبط البحث بمسألة جريان البراءة في موارد التعيين والتخيير عن الحصّتين الأخريين لو امتثل الحصّة الأولى ، فقد يقال بجريانها عنهما ؛ لأنّه شكّ في تكليف زائد وقد يقال بعدم جريانها كما سوف يأتي ، بل يجري الاحتياط فيما لو امتثل غير الحصّة التي يحتمل كون إيجابها تعيينيّا.
وأمّا إن قيل برجوع الوجوب التخييري إلى وجوبات مشروطة ، بحيث تكون كلّ واحدة من خصال الكفّارة واجبة بنفسها وجوبا استقلاليّا بشرط ترك الحصّتين الأخريين ، فسوف يرجع الشكّ في التعيين والتخيير إلى الشكّ في إطلاق الوجوب في كلّ واحدة من الحصص سواء أتى بالحصّتين أم لا ، وفي كونه وجوبا مشروطا بترك الحصّتين ، فإذا امتثل إحدى الحصّتين سوف يشكّ في بقاء الوجوب في الحصص الأخرى ؛ لاحتمال كون وجوبها مطلقا ، وهذا شكّ في تكليف زائد فتجري فيه البراءة.
وبهذا يتّضح أنّ البحث عن حقيقة الوجوب التخييري يرتبط ارتباطا وثيقا بكيفيّة جريان البراءة ، أو الاحتياط عند الشكّ في واجب ما أنّه تعييني أو تخييري.
وكذلك ينفع البحث التحليلي عن الوجوب التخييري في مسألة اجتماع الأمر والنهي ، فإنّه إذا قيل بأنّ الوجوب التخييري يرجع إلى وجوبات مشروطة ولو بلحاظ عالم المبادئ كانت كلّ حصّة واجبة بنفسها ، وحينئذ يمتنع تعلّق النهي بها ولو باختلاف العنوان للتنافي بين الوجوب والحرمة ؛ إذ يستحيل تعلّقهما بعنوان واحد على نحو الاستقلال.