وهذه النتيجة يمكن صياغتها بالنحو التالي : أنّ وجوب الحجّ الفعلي منوط ومتوقّف على وجود الإنسان المستطيع في الخارج ، فإذا وجد مستطيع فعلا في الخارج فقد وجب الحجّ فعلا عليه.
وهذه النتيجة تقع في طريق الاستنباط ؛ وذلك لأنّها ترتبط ببعض القضايا العقليّة التركيبيّة لاستحالة أخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه ، فإنّ النتيجة السابقة وهي : ( إذا وجد مستطيع فقد وجب الحجّ عليه ) يبحث في أنّ أخذ العلم بالحكم فيها ( أي وجوب الحجّ ) في موضوعه هل هو ممكن أم مستحيل؟ فهل يجب الحجّ على المستطيع إن كان عالما بوجوب الحجّ أم لا؟
والجواب : أنّ أخذ العلم بالحكم في موضوعه مستحيل لاستلزامه الدور أو الخلف أو التقدّم والتأخّر كما سيأتي في محلّه ؛ لأنّه لو كان وجوب الحجّ منصبّا على المستطيع العالم بوجوب الحجّ في رتبة سابقة ، فهذا معناه أنّ الموضوع صار مركّبا من المستطيع ومن العلم بوجوب الحجّ والمفروض أنّ وجوب الحجّ ، مسبّب عن موضوعه فهو لا وجود له قبل موضوعه ، فإن كان هو نفسه مأخوذا في موضوعه فهذا يعني أنّه موجود من قبل فيصبح متقدّما ومتأخّرا ، ويصبح وجوب الحجّ مسبّبا عن وجوب الحجّ تبعا للعلاقة بين الحكم والموضوع.
وبهذا يظهر أنّ البحث التحليلي داخل في علم الأصول نتيجة ارتباطه بالبحث عن القضيّة التركيبيّة.
والطريق الثاني : فيما إذا كانت القضايا الفعليّة التحليليّة عنصرا مساعدا على تحديد كيفيّة تطبيق القاعدة الأصوليّة ، ففي مقام تطبيق القاعدة الأصوليّة على مصاديقها أو على مواردها في الخارج احتاجت إلى التحليل العقلي ، فكان التحليل العقلي عنصرا مساعدا لكيفيّة التطبيق ، بمعنى أنّ القاعدة بعد الاستعانة بالتحليل العقلي قد تطبّق على هذا المورد دون ذاك أو العكس أو لا تطبّق أصلا ، فيستفاد إثبات الحكم الشرعي أو نفيه عن المورد المبحوث عنه.
ومثاله : البحث التحليلي عن حقيقة الوجوب التخييري ، فإنّه يقع في طريق الاستنباط وذلك على أساس مدخليّته في كيفيّة تطبيق الأصل العملي في بعض موارده ، كما فيما إذا شكّ في واجب أنّه على نحو التخيير بين عدّة بدائل أو أنّه