أي وجوب كلّ واحدة منها بشرط انتفاء الحصص الأخرى.
وهذه الوجوبات بمجموعها لمّا كانت روحا نفس ذلك الوجوب المتعلّق بالجامع فليس من ناحيتها إلا عقاب واحد في فرض ترك الجميع.
التفسير الثالث : أنّ الوجوب في موارد التخيير عبارة عن وجوب واحد متعلّق بالجامع ، فالتخيير العقلي والتخيير الشرعي على حدّ واحد من هذه الناحية ، فيكون الحكم والوجوب متعلّقا بالجامع كما تقدّم في الاتّجاه الثاني.
ولكن يقال هنا : إنّه في موارد التخيير الشرعي أو العقلي سوف يسري الوجوب من الجامع إلى الحصص والأفراد ، فيكون كلّ واحد منها واجبا ولكن بنحو مشروط بترك الحصص أو الأفراد الأخرى ، وهذا معناه الرجوع إلى النظريّة الأولى في تفسير حقيقة الوجوب التخييري من الالتزام بالوجوبات المشروطة.
إلا أنّ الإشكالات التي أوردت هناك لا تأتي هنا ، فلا يلزم تعدّد العقاب عند ترك الجميع ولا عدم تحقّق الامتثال عند امتثالها دفعة.
والوجه في ذلك : هو أنّ هذه البدائل والحصص لم ينصبّ عليها الوجوب ابتداء وإنّما وجوبها وجوب مترشّح من الوجوب المتعلّق بالجامع ، فهي بروحها وحقيقتها لا تزيد عن الجامع ؛ لأنّه لا يوجد إلا ملاك وغرض واحد مترتّب على الجامع ابتداء ، ومنه يترتّب هذا الغرض على أي واحد من الأفراد والحصص فيما لو جاء به وترك البقيّة.
وهذا نظير الوجوب الغيري للأجزاء في المركّب ، فإنّه ليس هناك إلا وجوب واحد فيه ملاك وغرض واحد متعلّق بالمركّب ، ولكن يترشّح من هذا الوجوب وجوبات متعدّدة بعدد الأجزاء تسمّى بالوجوبات الضمنيّة ، وهي وجوبات غيريّة كما سيأتي ، فترك كلّ جزء جزء لا يزيد عن ترك المركّب ، فليس هناك إلا عقاب واحد ، وفعل الجميع معناه الإتيان بالمركّب ، فليس هناك إلا امتثال واحد.
ومقامنا شبيه بذلك فإنّه إذا ترك جميع الحصص والأفراد يكون في الحقيقة قد ترك الجامع ؛ لأنّ ترك الجامع يكون بترك كلّ حصصه وأفراده فهناك عقوبة واحدة لتركه الجامع المتحقّق بترك جميع الحصص.
وأمّا إذا فعل أكثر من حصّة وأتى بأكثر من فرد فالامتثال متحقّق بأحدها فقط ؛