لأنّه به يحصل الملاك والغرض بوصفه مصداقا للجامع ، أو لكون وجوده مانعا من تحقّق الغرض من الآخر.
وهذا التفسير مبني على أنّ الأمر يتعلّق بالأفراد لا بالطبائع كما هو واضح.
والفرق بين هذا الاتّجاه وسابقه : أنّ هذا يقول بسراية الوجوب إلى الحصّة بالنحو المذكور ، وأمّا ذاك الاتّجاه فلا يلتزم بالسراية. وعليه لا تكون الحصّة معروضة للوجوب ، بل مصداقا لمعروض الوجوب. فالوجوب بالنسبة إلى الحصّة في موارد التخيير كالنوعيّة بالنسبة إلى أفراد الإنسان ، فإنّ هذا الفرد أو ذاك مصداق لمعروض النوعيّة لا معروض لها.
الفارق بين الاتّجاهين الثاني والثالث : الاتّجاه الثاني كان يرى أنّ الوجوب التخييري ـ سواء الشرعي أو العقلي ـ عبارة عن وجوب واحد متعلّق بالجامع الحقيقي أو الانتزاعي ، إمّا بناء على استحالة الوجوبات المشروطة وإمّا بناء على أنّ الواحد لا يصدر إلا من واحد.
ولذلك فهو يرى أنّ هناك ملاكا وغرضا واحدا مترتّبا على الجامع يحقّقه هذا الفرد أو ذاك بوصفه مصداقا للجامع ، وهذا الوجوب لا يسري من الجامع إلى الفرد ولذلك لا يتّصف الفرد بالوجوب ، بل يعتبر مصداقا لما هو المأمور به ، فالمأمور به هو الجامع وهو معروض الوجوب ، وأمّا الفرد فليس هو معروض الوجوب ولذلك لا يتّصف بالوجوب ، وإنّما هو مصداق لما هو معروض الوجوب.
وهذا نظير ما إذا قلنا : الإنسان نوع ، فإنّ وصف النوعيّة لا يمكن أن يتّصف به هذا الفرد من الإنسان أو ذاك ؛ لأنّه جزئي حقيقي لا يقبل الانطباق إلا على نفسه ، وعنوان النوعيّة من العناوين الكلّيّة الانتزاعيّة. نعم ، هذا الفرد من الإنسان يعتبر مصداقا لمعروض النوعيّة أي مصداق للإنسان الذي عرضت عليه النوعيّة.
بينما الاتّجاه الثالث يذهب إلى أكثر من تعلّق الوجوب بالجامع ، فيرى أنّ هذا الجامع يسري إلى الفرد فيتّصف الفرد بالوجوب أيضا ، ولكن لمّا كان هناك غرض وملاك واحد ، فلا يكون هذا الوجوب الذي يسري إلى الأفراد متعدّدا وإلا للزم صدور الواحد من المتكثّر وهو محال.
بل هذا الوجوب في كلّ فرد مشروط بترك الأفراد الأخرى ، كما هو عليه التفسير