إدانة وعقاب للمكلّف لمجرّد أنّه عصى أو خالف تكليف المولى مع عدم قدرته على امتثاله وإطاعته تكوينا.
وأمّا بلحاظ مرتبتي الملاك والإرادة فليس من الضروري أن تكونا مشروطتين بالقدرة ، بل يمكن إطلاقهما حتّى لموارد العجز ، فكما يمكن أن نتصوّر كون الملاك والإرادة مشروطين بالقدرة بحيث لا يكون هناك ملاك وإرادة على المكلّف العاجز ، فكذلك يمكن أن نتصور عدم كونهما مشروطين بالقدرة ، فيكون الملاك والإرادة ثابتين حتّى لموارد عجز المكلّف أيضا.
فإن قلنا بأنّ الملاك والإرادة مشروطان بالقدرة ، فالمصلحة والمفسدة أو الشوق المولوي لا تترتّبان على الفعل بما هو هو ، بل على الفعل المقدور فقط ، ممّا يعني أنّ اتّصاف الفعل بالمصلحة أو المفسدة مقيّد ومشروط بالقدرة عليه ، فما دام غير مقدور عليه فلا يمكن اتّصافه بذلك.
وأمّا إن قلنا بأنّ الملاك والإرادة غير مشروطين بالقدرة فالمصلحة والمفسدة أو الشوق المولوي موجودان حتّى في موارد العجز ، فالفعل يتّصف بالمصلحة والشوق وإن كان المكلّف عاجزا عنه تكوينا.
والوجه في أنّ الملاك والإرادة لا يأبيان التقييد بالقدرة وعدمه هو أنّ المصلحة والمفسدة من الأمور التكوينيّة التي يتّصف بها الفعل ، وهما موجودان سواء كان المكلّف قادرا على استيفائهما أم كان عاجزا عن ذلك ، والإرادة ليست إلا الشوق المولوي الحاصل من ذلك الملاك فيمكن تقييده بالقدرة وإطلاقه ؛ لأنّه يمكن أن يتعلّق بالمستحيل بالذات كاجتماع الضدّين أو النقيضين ؛ إذ لا مانع من حبّ ذلك أو بغضه ، كما يمكن تعلّقهما بالممتنع بالعرض كسائر الموارد التي لا يتمكّن الإنسان من القيام بها لعجزه ومحدوديّته.
وحينئذ فإن كانت القدرة شرطا في الملاك والإرادة أطلق عليها عنوان القدرة الشرعيّة ، وإن لم تكن شرطا فيهما أطلق عليها عنوان القدرة العقليّة.
وإنّما عبّر السيّد الشهيد عن هذه التسمية بقوله : ( وقد تسمّى ... ) من أجل أنّ هذين التعبيرين كما سوف يأتي لا حقا يطلقان على ما إذا كانت القدرة مأخوذة في لسان الدليل فتسمّى بالقدرة الشرعيّة ، وبين ما إذا لم تكن مأخوذة فيه فتسمّى بالقدرة