حصول الواجب النفسي دون التمكّن ؛ وذلك لأنّ كون الغرض والملاك هو التمكّن يلزم منه عدّة محاذير عقليّة.
وتوضيح ذلك : أنّنا لو فرضنا كون التمكّن من الإتيان بالواجب بفعل المقدّمة هو الملاك والغرض ، فهنا نسأل هل هذا الغرض والملاك نفسي أم غيري؟
فإن قيل بأنّه غرض وملاك نفسي فيلزم منه محذوران :
أحدهما : وضوح الفساد والبطلان ؛ لأنّ فرض الغرض النفسي معناه أنّه يوجد غرضان نفسيّان أحدهما موجود في الوجوب النفسي والآخر موجود في الوجوب الغيري ، وهذا واضح البطلان بداهة عدم وجود إلا غرض نفسي واحد يترتّب على الوجوب النفسي فقط.
وقد تقدّم سابقا أنّ الوجوب الغيري ليس فيه ملاك ولا غرض زائد على الواجب النفسي ، وإلا لصار التمكّن واجبا نفسيّا مع أنّه واجب غيري بحسب الفرض فيلزم الخلف.
والآخر : أنّ فرض كون التمكّن هو الغرض النفسي لازمه أن تكون المقدّمة دائما موصلة ؛ لأنّ التمكّن لو كان هو المطلوب النفسي من المقدّمة فكلّ المقدّمات تتّصف بالتمكّن ، سواء جاء المكلّف بالواجب أم لا ، فتكون المقدّمة دائما موصلة للتمكّن ؛ لأنّ التمكّن لا ينفكّ عن المقدّمة مع أنّ الواجب قد يتحقّق بعدها وقد لا يتحقّق ، فكيف تتّصف بكونها موصلة مع أنّ الواجب قد لا يتحقّق بعدها؟ وكيف يمكن أن نفرض المقدّمة غير الموصلة ما دام فعلها دائما يستتبع التمكّن ، والمفروض أنّه هو الغرض النفسي من فعل المقدّمة وليس الواجب النفسي؟
والحاصل : أنّ فرض كون التمكّن هو الغرض النفسي والأساسي من فعل المقدّمة ، لا يمكن المصير إليه ؛ لأنّه يستلزم الخلف من جعل المقدّمة للواجب وصيرورتها مقدّمة للتمكّن فقط ؛ ولأنّه يؤدّي إلى تعدّد الغرض والملاك النفسي مع أنّ المفروض كونه واحدا مترتّبا على الوجوب النفسي لا الغيري.
وإن قيل بأنّ التمكّن غرض غيري ، فهنا نسأل هل يوجد غرض نفسي وراء هذا الغرض الغيري أو لا يوجد؟
فإذا قيل بأنّه لا يوجد فهو واضح الفساد والبطلان ، إذ ما يكون غرضا غيريّا فهذا