الثمرة الأولى : إذا فرض أنّ المكلّف قد عجز عن الإتيان بالواجب المأمور به في وقته ، كما إذا عجز عن أداء صلاة الصبح في وقتها ، أو عجز عن صوم يوم من أيّام شهر رمضان ، فهنا هل يجب عليه قضاء هذا اليوم أو هذه الصلاة أم لا؟
والجواب : أنّنا إذا بنينا فقهيّا على أنّ وجوب القضاء للفعل المأمور به إذا لم يؤت به في وقته كان منوطا إثباتا ونفيا بمسألة الملاك ، فإنّه تارة يكون العجز عن الفعل في وقته مفوّتا لتمام الملاك ، وأخرى لا يكون كذلك وإنّما كان هناك شيء من الملاك يبقى حتّى مع عجز المكلّف عن الفعل في وقته ، وهذا الملاك الباقي يمكن استيفاؤه بعد الوقت ، فإن كان مفوّتا لتمام الملاك فلا يبقى شيء من الغرض لا في وقته ولا في خارجه فلا يجب القضاء ، وإن كان هناك ملاك يمكن استيفاؤه فهنا تظهر الثمرة ؛ وذلك لأنّنا إذا لم نقل باشتراط القدرة في التكليف في مرحلة جعل الحكم الذي هو مفاد الدليل الشرعي ، فإنّ مثل : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) أو ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) تدلّ على البعث والتحريك وجعل الحكم لعنوان المكلّف ، سواء كان قادرا أم عاجزا.
وهذا يعني أنّنا يمكننا أن نتمسّك بإطلاق مثل هذا الخطاب لإثبات الوجوب على العاجز أيضا ، وإذا كان الوجوب ثابتا على العاجز والذي هو المدلول المطابقي للخطاب نثبت بالدلالة الالتزاميّة ثبوت الملاك بحقّه ؛ لأنّ الوجوب وراءه الملاك والمبادئ في كلّ مورد يثبت فيه.
وهذا معناه أنّ العاجز قد فوّت العجز عليه الملاك ، والحال أنّه يمكنه استيفاؤه بعد الوقت فيجب عليه القضاء ؛ لأنّ الواجب المأمور به لا يسقط إلا إذا امتثل المكلّف الفعل المأمور به ، أو حقّق ملاكه والغرض منه ، فإنّه يحقّق الامتثال أيضا.
وأمّا إذا كانت القدرة شرطا في التكليف في مرحلة جعل الحكم ، فالخطاب المذكور مقيّد عقلا بالقدرة ، ممّا يعني أنّه لا يشمل العاجز ، فالعاجز لا خطاب بحقّه ، بمعنى أنّ الشارع لا يخاطبه بوجوب الصلاة أو الصوم حال عجزه ، وإذا لم يكن مشمولا للخطاب الشرعي وكان المدلول المطابقي ـ أي الوجوب ـ ساقطا ، فلا يبقى دليل على وجوب القضاء بحقّه ؛ لأنّ المفروض عدم وجود الدليل الخاصّ على ذلك ، والدليل الاجتهادي المذكور ساقط عنه ، ومع سقوط الوجوب والمدلول المطابقي