دلالة الأوامر الاضطراريّة على الإجزاء عقلا
إذا تعذّر الواجب الأصلي على المكلّف فأمر بالميسور اضطرارا ، كالعاجز عن القيام تشرّع في حقّه الصلاة من جلوس ، فتارة يكون الأمر الاضطراري مقيّدا باستمرار العذر في تمام الوقت ، وأخرى يكون ثابتا بمجرّد عدم التمكّن في أوّل الوقت.
المقام الأوّل : في دلالة الأوامر الاضطراريّة على الإجزاء عقلا.
فهل العقل يحكم بإجزاء الأمر الاضطراري عن الأمر الاختياري لتثبت الدلالة العقليّة الالتزاميّة بعد أن فرضنا كون الدليل اللفظي مطلقا وغير مقيّد بما يستفاد منه الإجزاء شرعا ، أم لا يحكم بذلك؟
فإذا فرضنا المكلّف قد عجز عن بعض أجزاء الصلاة كالركوع أو القيام فصلّى من جلوس مثلا استنادا إلى ما ورد من « إنّ الميسور لا يسقط بالمعسور » (١) أو إلى ما ورد من أنّ ( ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه أو جلّه ) فهل صلاته الاضطرارية هذه تجزيه عن الصلاة الاختياريّة سواء في الوقت أم خارجه أو لا؟ وهنا يوجد حالتان :
الأولى : أن يفرض كون الأمر الاضطراري الموجّه إلى المكلّف مقيّدا باستمرار العذر في تمام الوقت ، بمعنى أنّ العذر إذا ارتفع في الوقت فيكون موضوع الأمر الاضطراري منتفيا من أوّل الأمر ولا يكون المكلّف مخاطبا به واقعا وحقيقة ، وإن اعتقد ذلك بداية إلا أنّه ينكشف له الواقع حين ارتفاع العذر وأنّه كان مخطئا.
وأمّا إذا لم يرتفع العذر فموضوع الأمر الاضطراري ثابت حقيقة فهل يجزيه فيما لو ارتفع بعد الوقت أم لا؟ وهكذا الحال بالنسبة لما إذا ارتفع في الأثناء فهل يجزيه أم لا؟
__________________
(١) المحاسن ٢ : ٦٤٤ ، عوالي اللآلئ ١ : ٢٠ ، و ٤ : ٥٨ ، بلفظ : لا يترك الميسور بالمعسور