يلازم العلّة أو الجزء الأخير من العلّة وليس هو نفسهما ، وما دام كذلك فلا يتّصف بكونه مقدّمة.
وفي مقامنا الخروج ليس هو العلّة أو جزءها الأخير ، بل العلّة هي إرادة المكلّف البقاء أو ترك البقاء ، والخروج وعدمه ملازم لذلك فقط. وهذا معناه أنّ الخروج لا يتّصف بالوجوب ، وإنّما يتّصف بالحرمة فقط لكونها انحلاليّة وتشمل كلّ حصص وأفراد الغصب والتي منها الغصب حال الخروج.
ويرد عليه :
أوّلا : أنّ هذا الوجه غير تامّ في نفسه ؛ وذلك لأنّنا وإن قبلنا كون أحد الضدّين لا يكون علّة لفعل الضدّ الآخر أو لعدمه ، إلا أنّ هذا المعنى غير متحقّق في مقامنا ؛ وذلك لأنّ الخروج ليس علّة لترك البقاء في الغصب في نفس آن الخروج ، وإنّما هو علّة لترك البقاء في الغصب بلحاظ الآنات اللاحقة ، ممّا يعني أنّ الزمان مختلف.
ومن الواضح : أنّ من شروط امتناع كون أحد الضدّين علّة لعدم الآخر أو لفعله هو وحدة الزمان بأن يكون الضدّ علّة لعدم ضدّه مثلا في نفس الآن الذي يثبت فيه الضدّ ، وأمّا إذا كان علّة لعدمه في الآن اللاحق فلا مانع منه ؛ لأنّه مع اختلاف الزمان ينحلّ التناقض فضلا عن التضادّ.
فمثلا إذا قلنا بأنّ الإزالة والصلاة متضادّان ، فلا يكون فعل أحدهما علّة لعدم الآخر ، ففعل الصلاة ليس هو علّة عدم الإزالة في نفس زمان وجود الصلاة ، إلا أنّ هذا لا يمنع أن يكون فعل الصلاة علّة لعدم الإزالة في الآن اللاحق عن الصلاة ؛ لأنّه بعد الفراغ من الصلاة سوف يكون قد سبّب عدم الإزالة فيكون فعلها ملازما لعدم الصلاة لا علّة لها ، والتلازم غير العلّيّة ؛ لأنّه يمكن أن يكونا معا معلولين لعلّة ثالثة ، وهي اختيار وإرادة المكلّف ، فإنّه لمّا لم يرد الإزالة قام بفعل الصلاة.
وهنا كذلك فهو لمّا أراد ترك البقاء في الآن اللاحق في الغصب قام بالخروج ، فيكون الخروج ملازما لترك البقاء في الغصب في الآن اللاحق ، وهذا أمر معقول في نفسه.
وثانيا : لو سلّمنا بمقالة المحقّق الأصفهاني وانطباقها على مقامنا ، إلا أنّها ليست مطّردة في سائر الأحوال ، ممّا يعني أنّ ما ذكره ليس قاعدة عامّة وكلّيّة ، بل هي تختلف من مورد لآخر.