اقتضاء الحرمة لبطلان العبادة
والمعروف بينهم أنّ الحرمة تقتضي بطلان العبادة ، ويمكن أن يكون ذلك لأحد الملاكات التالية :
الأوّل : أنّها تمنع عن إطلاق الأمر خطابا ودليلا لمتعلّقها لامتناع الاجتماع ، ومع خروجه عن كونه مصداقا للواجب لا يجزي عنه ، وهو معنى البطلان.
الثاني : أنّها تكشف عن كون العبادة مبغوضة للمولى ، ومع كونها مبغوضة يستحيل التقرّب بها.
الثالث : أنّها تستوجب حكم العقل بقبح الإتيان بمتعلّقها لكونه معصية مبعّدة عن المولى ، ومعه يستحيل التقرّب بالعبادة.
المبحث الأوّل : في اقتضاء النهي عن العبادة للبطلان.
إذا تعلّق النهي بعبادة ما كما إذا قيل : ( لا تصلّ في الحمّام ) أو ( لا تصم يوم عاشوراء ) ، فهل هذا النهي يقتضي ويستلزم بطلان العبادة فيما لو أتى بها المكلّف أو لا؟
المشهور بينهم أنّ النهي عن العبادة يقتضي فسادها وبطلانها ، وذكر لذلك أدلّة ترجع إلى ملاكات ثلاثة :
الملاك الأوّل : أنّ الحرمة عن العبادة تمنع من إطلاق الأمر وشموله للعبادة ، فيسقط الأمر عن العبادة ؛ لأنّه لو ظلّ شاملا لها للزم اجتماع الأمر والنهي وهو ممتنع. ومع سقوط الأمر عن العبادة تخرج العبادة المأتي بها في حال تعلّق الحرمة بها عن كونها مصداقا للواجب ؛ لأنّ ما يكون مصداقا للواجب هو ما يكون مصداقا للمأمور به ، والمفروض أنّه لا يوجد أمر بالعبادة لسقوطه ، وحينئذ تقع باطلة ؛ لأنّ إجزائها عن الواجب يحتاج إلى دليل خاصّ ؛ لأنّه يكون من باب إجزاء غير المأمور به عن المأمور