للبطلان كان المصداق الأبرز والأهمّ هو النهي المتعلّق بالعبادة بكاملها ، فتقع باطلة.
الحالة الثانية : أن يتعلّق النهي بجزء من أجزاء العبادة ، كما في النهي عن قراءة السور العزائم الأربع في الصلاة ، فهنا هل يقتضي النهي المتعلّق بالجزء البطلان للجزء فقط ، أم له وللمركّب أيضا؟
والجواب : أنّ حرمة الجزء ـ على القول باقتضاء الحرمة للبطلان ـ تقتضي بطلان الجزء ؛ لأنّ جزء العبادة عبادة أيضا ، فالصلاة المركّبة من ركوع وسجود وقراءة وذكر وتشهّد وتسليم وتكبير كلّها أجزاء لها وكلّ جزء منها عبادة. ومع بطلان الجزء العبادي يبطل المركّب العبادي أيضا ؛ لأنّ الاقتصار على الإتيان بالفرد المحرّم من الجزء لمّا كان يوجب بطلان الجزء فلا يتحقّق المركّب ؛ لأنّ المركّب لا يتحقّق إلا بتمام أجزائه وينتفي بانتفاء جزء منها ، ولذلك ينتفي المركّب.
وأمّا إذا أعاد الجزئيّة ضمن فرد آخر مباح كأن قرأ سورة أخرى غير العزائم بعد أن قرأ إحدى العزائم فهنا يفصّل :
فإن كانت هذه الزيادة موجبة للبطلان كما في زيادة الركن فإنّ زيادته مطلقا موجبة للبطلان ، فلا يفيد التكرار والإعادة ضمن الفرد المباح.
وإن لم تكن هذه الزيادة موجبة للبطلان بأن لم يكن الزائد ركنا مثلا فهنا تقع العبادة صحيحة لتحقّق المركّب ضمن أجزائه المباحة.
الحالة الثالثة : أن يتعلّق النهي والحرمة بالشرط ، كالوضوء مثلا فإنّه شرط في الصلاة ، فإذا كان الإنسان مريضا وكان الماء يضرّ به فهو منهي عن الوضوء ، فإذا توضّأ وصلّى فهل تقع صلاته صحيحة أم لا؟
فهنا فصّل صاحب ( الكفاية ) بين أن يكون الشرط عبادة في نفسه وبين ألاّ يكون عبادة.
فإن كان الشرط عبادة كالوضوء بطل الشرط وبتبعه يبطل المشروط ؛ لعدم تحقّق شرطه ، إذ مع عدم تحقّق الشرط لا يقع المشروط على الوجه المطلوب والمأمور به.
وإن لم يكن الشرط عبادة كالتستّر باللباس المغصوب حال الصلاة ، فإنّ التستّر شرط ولكنّه ليس عبادة ؛ لأنّه لا يشترط فيه قصد القربة ، فهنا لا يبطل الشرط ولا يبطل المشروط به أيضا.