عقوبتين ، ومع عدم العقوبة والمعصية فيها لا يكون فعلها مانعا من التقرّب.
وبهذا يتبيّن لنا أنّ الملاك الأوّل أعمّ من الملاكين الآخرين. والثاني أعمّ من الثالث أيضا (١).
ثمّ إذا افترضنا أنّ حرمة العبادة تقتضي بطلانها ، فإن تعلّقت بالعبادة بكاملها فهو ما تقدّم ، وإن تعلّقت بجزئها بطل هذا الجزء ؛ لأنّ جزء العبادة عبادة ، وبطل الكلّ إذا اقتصر على ذلك الفرد من الجزء. وأمّا إذا أتى بفرد آخر غير محرّم من الجزء صحّ المركّب إذا لم يلزم من هذا التكرار للجزء محذور آخر ، من قبيل الزيادة المبطلة لبعض العبادات.
وإن تعلّقت الحرمة بالشرط نظر إلى الشرط ، فإن كان في نفسه عبادة كالوضوء بطل ، وبطل المشروط بتبعه ، وإلا لم يكن هناك موجب لبطلانه ولا لبطلان المشروط ، أمّا الأوّل فلعدم كونه عبادة ، وأمّا الثاني فلأنّ عباديّة المشروط لا تقتضي بنفسها عباديّة الشرط ولزوم الإتيان به على وجه قربي ؛ لأنّ الشرط والقيد ليس داخلا تحت الأمر النفسي المتعلّق بالمشروط والمقيّد ، كما تقدّم (٢) في محلّه.
كيفيّة تعلّق النهي بالعبادة : تارة يتعلّق النهي بالعبادة بكاملها ، وأخرى يتعلّق بجزء منها ، وثالثة يتعلّق بشرط من شروطها ، فهنا ثلاث حالات :
الحالة الأولى : أن يتعلّق النهي بالعبادة بكاملها ، كما في النهي عن صوم يوم عاشوراء ، أو عن الصلاة في الحمّام ، فإنّ النهي متعلّق بأصل الصوم وبأصل الصلاة بتمامها.
وهذه الحالة هي التي كان البحث السابق معقودا لأجلها ، فإن قيل باقتضاء الحرمة
__________________
(١) هذا كلّه على تقدير تماميّة هذه الملاكات هنا ، إلا أنّ الصحيح هو عدم تماميّتها وذلك : أمّا الملاك الأوّل فلأنّه مبني على امتناع اجتماع الأمر والنهي ، ونحن قد ذكرنا سابقا أنّ الصحيح هو جواز الاجتماع.
وأمّا الملاكان الثاني والثالث فلأنّهما يبتنيان على عدم إمكان التقرّب بما هو مبغوض أو بما هو معصية ، وهذا متوقّف ليس فقط على الفعل الخارجي ، بل على ضمّ الداعي إليه ، فلو كان الفعل مبغوضا ولم يكن الداعي هو المعصية بل الطاعة لأمكن التقرّب به.
(٢) الحلقة الثانية ، ضمن بحوث الدليل العقلي ، تحت عنوان : قاعدة تنوّع القيود وأحكامها.