الملازمة بين حكم العقل وحكم الشارع
يقسم الحكم العقلي إلى قسمين :
أحدهما : الحكم النظري وهو إدراك ما يكون واقعا.
والآخر : الحكم العملي وهو إدراك ما ينبغي أو ما لا ينبغي أن يقع.
وبالتحليل نلاحظ رجوع الثاني إلى الأوّل ؛ لأنّه إدراك لصفة واقعيّة في الفعل ، وهي أنّه ينبغي أن يقع وهو الحسن ، أو لا ينبغي وهو القبح.
تقسيم الحكم العقلي : ينقسم حكم العقل بلحاظ متعلّقه إلى قسمين ، وأمّا نفس حكم العقل فهو واحد ؛ لأنّه عبارة عن الإدراك. فالعقل إمّا أن يدرك أو لا يدرك ، فإن أدرك فمتعلّق إدراكه ينقسم إلى قسمين : وذلك لأنّه تارة يدرك ما يكون واقعا وموجودا ، فيسمّى بالعقل النظري أو الحكم النظري.
وأخرى يدرك ما ينبغي أن يقع فيسمّى بالعقل العملي أو الحكم العملي.
والمراد من الإدراك العقلي : هو الحكم الذي يصدره العقل بنحو الجزم والقطع واليقين مستندا فيه إلى العقل نفسه ، وهو ما يسمّى بالمستقلاّت العقليّة. وفي قبال ذلك الإدراك العقلي المستند إلى حكم الشارع أي الذي يكون في طول حكم الشارع ، وهو ما يسمّى بغير المستقلاّت العقليّة.
ثمّ إنّ مدركات العقل العملي ترجع إلى مدركات العقل النظري بالتحليل والملاحظة. والوجه في ذلك : هو أنّ إدراك العقل العملي لما ينبغي أو لا ينبغي أن يقع معناه إدراك العقل لوجود صفة واقعيّة في متعلّقه أي الفعل ، فإنّ الفعل إذا كان حسنا فهو ينبغي أن يقع ، بينما إذا كان قبيحا فهو لا ينبغي أن يقع ، وهذا معناه أنّ الفعل تارة يكون حسنا وأخرى يكون قبيحا ، فالحسن والقبح صفتان واقعيّتان يتّصف بهما الفعل ، فإدراك العقل لهاتين الصفتين إدراك لما هو كائن وموجود واقعا ، وهو معنى الحكم النظري.