وهذا معناه أنّ دليل العقل وغيره لا يثبت الحكم الشرعي ولا يجوز العمل بالحكم الشرعي ؛ لأنّه طريق آخر غير أهل البيت عليهمالسلام.
فالروايات التي ندّدت بالعمل بالأدلّة العقليّة كثيرة جدّا كقوله عليهالسلام : « إنّ دين الله لا يصاب بالعقول » ، والروايات التي أكّدت على لزوم العمل بما ورد عن أهل البيت عليهمالسلام دون غيرهم ، وأنّه لا يقبل أي عمل من دون الاعتراف بهم كثيرة جدّا أيضا ، كقوله عليهالسلام : « بني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والحجّ والصوم والولاية ».
والحاصل : أن الروايات دلّت على أنّ أي عمل لا يكون مصدره أهل البيت عليهمالسلام فلا يكون مقبولا.
والصحيح : أنّ الروايات المذكورة لا دلالة فيها على ما يدّعى ، وإنّما هي بصدد أمور أخرى ، فبعضها بصدد المنع من التعويل على الرأي والاستحسان ونحو ذلك من الظنون العقليّة.
وبعضها بصدد بيان كون الولاية شرطا في صحّة العبادة.
وبعضها بصدد بيان عدم جواز الانصراف عن الأدلّة الشرعيّة والتوجّه رأسا إلى الاستدلالات العقليّة ، مع أنّ التوجّه إلى الأدلّة الشرعيّة كثيرا ما يحول دون حصول القطع من الاستدلال العقلي ، كما هو الحال في رواية أبان الواردة في دية أصابع المرأة.
والصحيح : أنّ الروايات التي استندوا إليها ليست حجّة على مدّعاهم من عدم حجّيّة الدليل العقلي القطعي ، وذلك لأنّ هذه الروايات يمكن تصنيفها إلى عدّة طوائف :
الأولى : الروايات التي تنهى عن العمل بالظنّ والرأي والاستحسان ونحو ذلك من الأدلّة العقليّة الظنيّة ، ونحن قلنا بأنّ دليل العقل إن كان ظنّيّا فهو ليس حجّة في نفسه ، بل يحتاج إلى دليل على حجّيّته. فتكون هذه الروايات دليلا على عدم ثبوت الحجّيّة لمثل هذه الظنون العقليّة.
الثانية : الروايات التي تدلّ على أنّ الولاية شرط لقبول العمل وصحّة العبادة ، وهذه معناها أنّ سائر العبادات من دون أن تكون مقرونة بولاية أهل البيت عليهمالسلام لا تجدي نفعا لصاحبها.