الجامع بين المقدور وغيره
ما تقدّم حتّى الآن كان يعني أنّ التكليف مشروط بالقدرة على متعلّقه ، فإذا كان متعلّقه بكلّ حصصه غير مقدور انطبقت عليه قاعدة استحالة التكليف بغير المقدور.
وأمّا إذا كان متعلّقه جامعا بين حصّتين إحداهما مقدورة والأخرى غير مقدورة ، فلا شكّ أيضا في استحالة تعلّق التكليف بالجامع على نحو الإطلاق الشمولي ، وأمّا تعلّقه بالجامع على نحو الإطلاق البدلي ففي انطباق القاعدة المذكورة عليه كلام بين الأعلام.
تقدّم أنّ التكليف بغير المقدور مستحيل عقلا ، فإذا كان الفعل خارج قدرة المكلّف فلا يكلّف ولا يخاطب به ولا يعاقب على عدم امتثاله أيضا ، إلا أنّ غير المقدور يمكن تصوّره من ناحية تعلّق التكليف به على أنحاء :
الأوّل : أن يكون التكليف منصبّا ابتداء ومباشرة على الشيء غير المقدور بعينه ، وهذا هو الذي كان البحث السابق يتناوله.
وبتعبير آخر : إنّ متعلّق التكليف كان عنوانا بتمام حصصه غير مقدور وكان التكليف به بعينه ، فهنا لا إشكال في الاستحالة.
الثاني : أن يكون متعلّق التكليف عنوانا أي الجامع ، بعض حصصه مقدورة وبعضها الآخر غير مقدورة ، فهنا لا بدّ من ملاحظة كيفيّة تعلّق الحكم ، فإن كان الحكم متعلّقا بهذا العنوان الجامع بنحو الإطلاق الشمولي أو العموم الاستغراقي أو المجموعي فهو أيضا مستحيل ؛ وذلك لأنّ الإطلاق أو العموم الشموليين معناهما الانحلال لكلّ فرد فرد من أفراد العنوان ، فكلّ حصّة يتعلّق بها حكم ، فيكون من التكليف بغير المقدور وهو مستحيل كالقسم الأوّل.