وأمّا إن كان الحكم متعلّقا بالعنوان أي الجامع بنحو الإطلاق أو العموم البدلي بحيث يكون المطلوب حصّة واحدة من الحصص ، فهنا نبحث في أنّ عنوان الجامع بين الحصص المقدورة وغير المقدورة والذي تعلّق التكليف به هل هو مقدور فيعقل التكليف به ، أم ليس بمقدور فيستحيل التكليف به؟ وهذا هو الذي وقع موردا للبحث عندهم على أقوال :
وقد ذهب المحقّق النائيني ; (١) إلى أنّ التكليف إذا تعلّق بهذا الجامع فيختصّ لا محالة بالحصّة المقدورة منه ، ولا يمكن أن يكون للمتعلّق إطلاق للحصّة الأخرى ؛ لأنّ التكليف بداعي البعث والتحريك وهو لا يمكن إلا بالنسبة إلى الحصّة المقدورة خاصّة ، فنفس كونه بهذا الداعي يوجب اختصاص التكليف بتلك الحصّة.
القول الأوّل : ما ذهب إليه الميرزا النائيني من أنّ التكليف بالجامع بين المقدور وغير المقدور مستحيل ؛ وذلك لأنّ التكليف بمثل هذا الجامع سوف يسري إلى الحصّة المقدورة فقط دون الحصّة غير المقدورة ، وذلك باعتبار أنّ التكليف إنّما يجعل بداعي البعث والتحريك كما تقدّم ، والحصّة غير المقدورة لا يمكن التحرّك والانبعاث نحوها للعجز فيكون مختصّا بالحصّة المقدورة ؛ لأنّها التي يمكن الانبعاث والتحرّك نحوها.
ومنه يظهر أنّ التكليف حتّى وإن فرض تعلّقه بالعنوان الجامع إلا أنّه في حقيقته وواقعه منصبّ على الحصّة المقدورة فقط ، ولا يمكن شموله للحصّة غير المقدورة ؛ لأنّ حقيقة الحكم والتكليف منتفية عنها ، ولذلك يجب تأويل ما ظاهره التكليف بالجامع بين المقدور وغيره بالرجوع إلى التكليف بالحصّة المقدورة فقط ، وأمّا الحصّة غير المقدورة فلا يسري إليها الوجوب من الجامع أصلا ؛ لأنّ مبادئ الحكم وملاكاته وروحه وهي البعث والتحريك منتفية عنها.
وذهب المحقّق الثاني (٢) ـ ووافقه جماعة من الأعلام (٣) ـ إلى إمكان تعلّق
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٦٧.
(٢) حكاه عنه المحقّق النائيني في أجود التقريرات ١ : ٣٦٧ ، وانظر : جامع المقاصد ٥ : ١٣ ـ ١٤.
(٣) راجع مطارح الأنظار : ١١٩.